عن محلّ النزاع أظهر من أن يخفى ، وقبل بيان ذلك لا بدّ لنا من التعرّض لوجه ما التزم به تبعا لصاحب الفصول قدسسره.
وذلك يتلخّص في أنّ الهيئة في أسماء الآلة حسب ما تقدّم قد وضعت للدلالة على القابليّة والاستعداد ، وهذا الصدق حقيقي يقيني وإن لم يتلبّس الذات بالمبدإ فعلا من حيث الاشتغال الفعلي بالفتح مثلا. وأمّا أسماء المفعولين ، فلأنّ الهيئة فيها وضعت للدلالة على وقوع المبدأ على الذات ، فهذا المعنى المستفاد من الهيئة بعد وقوعه وتحقّقه ممّا لا يعقل فيه الانقضاء ، إذ ما وقع على الذات كيف يعقل ويتصوّر انقضاؤه عنها ؟ ضرورة أنّ الشيء لا ينقلب عمّا وقع عليه ، والمفروض أنّ الضرب والقتل وقع على المضروب والمقتول وعلى ذاتهما ، فتلك الذات دائما يصدق في أنّها ممّن وقع عليه الضرب والقتل ، فعند ذلك لا فرق في صدق المشتقّ بين حال التلبّس والانقضاء ، فعند كلّ من الحالين الصدق يكون على نسق واحد بلا تفاوت وعناية في البين ليكون منشأ لحدوث النزاع بين الفرقين ، بل الحقّ والإنصاف أنّ الانقضاء فيه غير ممكن التعقّل لمن يكون صاحب الدقّة والتأمّل.
هذا تمام الكلام في بيان مراده زاد الله تبارك وتعالى في علوّ مقامه.
ولكنّه ظاهر الفساد ، والوجه في ظهور فساده أنّ هيئة المفعول من قبل الواضع إنّما وضعت للمفهوم الكلّي. وأمّا المصاديق الواقعة في الخارج من الذات التي وقع الفعل عليها فإنّما تكون من التحقّقات الخارجيّة التي هي عبارة عن تطوّرات شئون الوجود ، وشئون الوجود غير داخلة في الموضوع له ، بل الموضوع له ليس إلّا المفهوم الكلّي ، فإذن أنت تصدّق أنّ الموضوع له يكون هو المفهوم الكلّي ، فلا يبقى لك خفاء في أنّ المفهوم له فردان في الخارج ، أحدهما باعتبار الوجود ، وثانيهما باعتبار العدم ، لا كما أنّه يكون اسما لمصداق الموجود