فعلى هذا التعارض لم يبق في المقام أصل سالم بلا معارض ليكون هو المعوّل عليه والمعتمد لإثبات أحد الخصوصيّتين من إثبات إطلاق المشتقّ وعدمه ، فلا بدّ عند ذلك من الرجوع إلى الاصول العمليّة في فروع المسألة عند عروض الشكّ في الإطلاق والتقييد.
ففي كلّ مورد كان الشكّ في ثبوت التكليف يرجع إلى أصل البراءة ، مثل ما إذا كان لنا مانع من إكرام زيد حال تلبّسه بالعلم ، ولكن شككنا في ثبوت وجوب ذلك الإكرام له بالنسبة إلى زمان انقضاء التلبّس.
بخلاف ما إذا كان الشكّ في البقاء بعد الفراغ عن الثبوت في حال التلبّس بالفعل ، مثل ما إذا كان زيد حين الخطاب بوجوب إكرام العلماء متلبّسا بالمبدإ ، وكان الانقضاء عرض له بعد ذلك الحين.
فلا محالة لو خلّي وطبعه لا بدّ لنا من الحكم ببقاء الحكم بحكم الاستصحاب ، إذ يجوز للمكلّف أن يقول : كنت على يقين من وجوب إكرام زيد في حال تلبّسه بالمبدإ ، فعرض لي الشكّ في البقاء بالنسبة إلى ما بعد الانقضاء ، فنتمسّك بقوله عليهالسلام : لا تنقض اليقين بالشكّ.
هذا تمام الكلام في بيان تقريب كيفيّة الرجوع إلى أصل عمليّ عند عدم وجدان الأصل المعتمد لإثبات إحدى الخصوصيّتين من الأعمّ أو الأخصّ.
فمن الواضح أنّ ما ذكره هو قدسسره من عدم وجدان أصل المسلم المعتمد بلا معارض صحيح في نهاية المتانة ، لأنّ التمسّك بالأصل مع غضّ البصر عن المعارضة بالأصل الآخر الجاري في قباله يكون من الاصول المثبتة بالنسبة إلى إثبات هاتين الخصوصيتين ، وذلك من جهة أنّا وإن علمنا بوضع الهيئة للذات ، إلّا أنّها وضعت لخصوص المتلبّس أو الأعمّ غير معلوم لنا ، فعليه فيحتمل أن يكون الموضوع له هو الآخر ، كما يحتمل أن يكون هو الأعمّ ، فبما أنّ القدر الجامع في