المشكوك والمتيقّن من القضيّتين ، وبدونه لا يمكن جريان الاستصحاب.
وأمّا الثاني : وهو استصحاب بقاء الموضوع ، فلعدم الشكّ في انقلاب حادث زماني ، ليحكم ببقاء المتيقّن ، إذ مع قطع النظر عن وضع اللفظ وتردّد مفهومه بين السعة والضيق ليس لنا شكّ في أمر خارجي ، فإنّ استتار القرص عن الافق حسّي معلوم لنا بالمشاهدة والعيان ، وذهاب الحمرة متحقّق كذلك ، فما هو المستصحب ؟
وكيف ما كان لا شكّ أنّ استصحاب الحكمي غير ممكن في المقام ، إذ كيف يمكن أن يقال قبل تحقّق الغروب : إنّه شاكّ في وجوب الصلاة ، إذ مع بقاء الموضوع ـ وهو الوقت بعد استتار القرص ـ لا شكّ في وجوبها أي وجوب صلاة العصر والصوم ، لأنّ الغروب إذا كان هو ذهاب الحمرة فالوقت باق عند الاستتار ، وإن كان الاستتار هو الغروب فلا شكّ في انقضاء الحكم بانعدام وقته وموضوعه.
فإذا فرضنا أنّ الغروب من قبل الشارع عبارة عن استتار الشمس ، فلا شكّ لنا في وجوب الصلاة لبقاء وقتها ، فضلا عن أن يحتاج إثباته بالاستصحاب.
وبالجملة فإذا كان الموضوع وهو الغروب عبارة عن سقوط الشمس عن النظر فلا شكّ أنّه تحقّق بالمشاهدة بالعيان ، فإن كان هو ذهاب الحمرة فهو أيضا يكون معلوم البقاء بالمشاهدة والعيان.
ولأجل ذلك أنكر شيخنا الأنصاري قدسسره (١) استصحاب الموضوعي في مسألة استحالة الكلب لإثبات النجاسة ؛ لأنّ بعد صيرورته ملحا إذا كان الموضوع النجاسة تلك الصورة النوعية الكلية فهي غير باق يقينا ، وإذا كان الموضوع
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٦٩١.