والتوصيف ، فكما أنّ المتبادر عند أهل العرف من تلك المركّبات فعليّة النسبة والقيد ، ولا تصدق خارجا إلّا مع فعليّة الاتّصاف ، فكذلك المتبادر عندهم من المشتقّات طابق النعل بالنعل. فهذا السنخ من التبادر كاشف بالكشف اليقيني القطعي عن الوضع لخصوص المتلبّس فقط لا غير ، لأنّه غير مستند إلى شيء من القرائن الحاليّة والمقالية على الفرض ، ولا إلى كثرة الاستعمال ، إذ من الضروري أنّ العرف حسب ارتكازهم يفهمون من المشتقّات المتلبّس ، من دون ملاحظة الكثرة وحصول الانس منها. فدعوى أنّ هذا التبادر مستند إلى كثرة الاستعمال دون الوضع يكون رجما بالغيب وملحقا بالجزاف.
الثاني : صحّة سلب المشتقّ عمّن انقضى عنه المبدأ ، فيقال : (زيد ليس بعالم بل هو جاهل) فتلك الصحّة من سلب المشتقّ عمّن انقضى عنه المبدأ آية محكمة على أنّ المشتقّ مجاز في المنقضي عنه المبدأ ، وإلّا لم يصحّ السلب عنه.
وقد يورد عليه بأنّ المراد من صحّة السلب إن كان صحّة السلب مطلقا فغير صحيح ، ضرورة صحّة حمل المشتقّ على المنقضي عنه المبدأ بمعناه الجامع. وإن كان مقيّدا فغير مفيد ، إذ علامة المجاز صحّة سلب المطلق دون المقيّد.
ولا يذهب عليك أنّ هذا الإيراد صحيح فيما إذا تردّد المفهوم العرفي للفظ بين السعة والضيق ، ولم يعلم أنّه موضوع للمعنى الموسّع أو المضيّق ، كلفظ (العمى) من باب المثال إذا تردّد مفهومه عرفا ودار بين أن يكون مطلق عدم الإبصار ولو من جهة أنّه لا عين له كبعض أقسام الحيوانات ، وبين خصوص عدم الإبصار مع وجود عين له ومع شأنية الإبصار ، ولم يثبت أنّه موضوع للثاني ، لم يمكن إثبات أنّه وضع للمعنى الثاني بصحّة السلب.
وذلك لأنّه إن اريد بصحّة السلب صحّة سلب العمى عمّا لا عين له بالمعنى