المطلق فهو غير صحيح ، بداهة صحّة حمله عليه بهذا المعنى. وإن اريد بها صحّة سلبه عنه بالمعنى الثاني وهو عدم الإبصار مع شأنيّته ، فهو وإن كان صحيحا إلّا أنّه لا يثبت أنّ العمى لم يوضع للأعمّ ، لأنّ سلب الأخصّ لا يلزم سلب الأعمّ ، وقد ثبت في المنطق أنّ نقيض الأخصّ أعمّ من نقيض الأخصّ ، فسلب الأوّل حيث إنّه أعمّ غير ملازم سلب الثاني.
إلّا أنّ ذلك لا يتمّ في محلّ بحثنا ، وذلك من جهة ما تقدّم من أنّ المتبادر عرفا من المشتقّ خصوص المتلبّس بالمبدإ فعلا ، وهو رمز الحقيقة ، هذا من جانب.
ومن جانب آخر إذا صحّ سلب المشتقّ بما له من المفهوم العرفي عن المنقضي عنه المبدأ فهو كاشف عن عدم وضعه للجامع ، وإلّا لم يصحّ سلبه عن مصداقه وفرده في وقت من الأوقات وفي حين من الأحيان ، فلو صحّ سلب المشتقّ بمفهومه العرفي عمّن انقضى عنه المبدأ ثبت أنّه موضوع للمتلبّس بصحّة سلبه عن المنقضي كما اطّلعت عليه.
الثالث : لا ريب في تضادّ مبادئ المشتقّات عرفا بما لها من المعاني الثابتة في الأذهان المرتكزة في النفوس المطّلعة ، كالحركة والسكون ، والنوم واليقظة ، والقيام والقعود ، والسواد والبياض ، والعلم والجهل وما شاكلها ، ضرورة أنّ اثنين منها لا يجتمعان في الصدق في آن واحد. وعلى هذا التقريب تكون العناوين الاشتقاقية المنتزعة عن اتّصاف الذات بها متضادّة.
ومن هنا يرى العرف التضادّ بين عنوان العالم والجاهل ، والأسود والأبيض ، والمتحرّك والساكن وهكذا ، وهو بنفسه يدلّ على أنّ المشتقّ موضوع للمتلبّس دون الأعمّ ، وإلّا لم يكن بينها مضادّة عرفا بما لها من المعاني ، بل هي مخالفة ، وأمكن صدق عنوانين منها على الذات في زمن واحد فيما إذا كان التلبّس بأحدهما فعليا وبالآخر منقضيا ، فيجتمعان في الصدق في آن واحد ، فلا مضادّة.