ومنفصلة ، كما إذا كانت من مقولة واحدة.
بل الحقّ الذي لا بدّ من تصديقه في المقام ولا يجوز العدول عنه عبارة من أنّ حقيقة كلّ علم حقيقة عنوانية اعتباريّة ، ويكون قوامها بيد المعتبر ، من دون أن تكون وحدتها وحيدة بالحقيقة والذات ليكون امتيازه عن غيره بالفصل الذاتي وبتباين المقولي الذاتي ، مثل ما يكون من مقولة واحدة ، فإنّ وحدتها ليست إلّا بالاعتبار ، وتمايز كلّ مركّب اعتباري عن مركّب آخر يتمشّى من ناحية امور نذكرها بحول من الله في الآتي.
وقد بقي الكلام بالنسبة إلى المقام الثاني ، فلا يخفى عليك أنّ التمايز إنّما يكون بالغرض إذا كان العلم دوّن لحصول الغرض الخارجي الذي يترتّب عليه.
فأنت ترى هذا الامتياز في كثير من العلوم كعلم اللغة والنحو والصرف والمعاني والبيان وعلم الفقه والاصول ، إذ من الواضح أنّ الذي بعث الكاتب والمصنّف إلى تدوين تلك القضايا المتباينة علما مثل قضايا علم الاصول ، وعدّة اخرى منها علما كمسائل وقضايا علم الفقه ، إنّما يكون هو اشتراكها في الدخل في حصول الغرض ، ويكون هذا هو المطلوب الواقعي في اجتماع تلك القضايا المختلفة.
وبالجملة ، إنّ جمع القضايا المختلفة المتباينة في علم من العلوم كعلم النحو والصرف وعلم الاصول المتداولة بين أصحابها ، ونظير الفقه المدوّن في كتب عديدة ، إنّما تكون معلولة لعلّة تكون بحسب الحقيقة هي الباعث والداعي لتدوين كتابها بما لها من الأسامي الخاصّة ، وذلك الباعث والداعي ليس إلّا اشتراك تلك العدّة الكثيرة في الوصول إلى غرض خاصّ آخر منها.
ومن أبده البديهيات أنّه لو لم يكن ذلك ملاك تمايز هذه العلوم بعضها عن بعض في مرحلة التدوين ، بل كان هو الموضوع ، فلا محيص للمدوّن إلّا أن يدوّن