مثل القضايا الحقيقيّة العقليّة غير المربوطة بباب الاستعمال في المتلبّس أو الأعمّ ، فإنّها في الأغلب دخيلة في الحكم والغرض والملاك حدوثا وبقاء ، بحيث إذا زال ذلك العنوان بأيّ سبب في البقاء والمستقبل ، فالحكم ينتفي ولا يترتّب على متعلّقه ، إذ الموضوع الحقيقي في أغلب تلك القضايا ليس هذا العنوان في الواقع والحقيقة حدوثا وبقاء ، فكما كان ذلك العنوان في الحدوث دخيلا في البقاء ، لا بدّ من أن يكون باقيا ليترتّب الحكم عليه ، كالمثال المتقدّم الذي اخذ موضوعا لعدم جواز الاقتداء بالفاسق.
واخرى ليس الأمر كذلك ، بل نفس حدوث العنوان يكفي لبقاء الحكم في المستقبل إلى يوم القيامة ولو كان حدوثه في أقلّ من الاسبوع بالنسبة إلى بقية أيّام العمر ، كمورد استدلال الإمام عليهالسلام في عدم لياقة الظالم بالكفر والشرك لنيل عهد الخلافة والإمامة من قبل الله ورسوله صلىاللهعليهوآله وإن كان من اختار الشرك والظلم والكفر من ذريّة خليل الرحمن ، وكان شركه وعبادته في ساعة من عمره فضلا من أن يكون منغمرا في الشرك والكفر والظلم في أكثر أيّام عمره ، كبعض الصحابة التي أنقذهم الله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوآله من الشرك وأدخلهم في الإسلام بحسب الظاهر ، إذ هذا السنخ من الظلم الذي اخذ في لسان الآية يكفي في إسقاط الظالم عن منصب الخلافة بمجرّد حدوثه. ففي أمثال تلك الموارد العنوان الذي اخذ في الكلام موضوعا للحكم حدوثه يكفي عن البقاء ، فيكون العنوان والموضوع عند ذلك بمنزلة العلّة المحدثة التي هي بعينها هي العلّة المبقية في استدامة الحكم وبقائه إلى آخر عمر الظالم ، ولو كان زمان حدوث ذلك الموضوع والعنوان قصيرا كالساعة والساعتين.
فمن ابتلي بالشرك والكفر مع كمال العقل والبلوغ من أيّ سبب كان عروض هذه الحالة الشيطانيّة الاستكباريّة فهو ظالم لا تبقى له لياقة لأن يناله عهد الله