فيها مأخوذة لمحض الإشارة إلى الأفراد ، مثل ما إذا قيل : صلّ خلف ابن عباس ، فعنوان (ابن عباس) قد أخذ معرّفا إلى ما هو الموضوع في الواقع فقط ، من دون دخل له في الحكم.
الثاني : أن تكون لها دخالة في الملاك والمعيار من الحكم حدوثا وبقاء بحيثيّة العلّية على نحو ترتّب المعلول على علّته في الدوران ، بمعنى أنّه لو فرض انتفاء العنوان في البقاء ينتفي الحكم بانتفائه ، وهذا هو الظاهر عرفا من العناوين التي اخذت في القضايا الحقيقيّة ، كقوله تبارك وتعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(١) فإنّه ظاهر في أنّ وجوب السؤال يدور مدار صدق ذلك العنوان وجودا وعدما وحدوثا وبقاء.
الثالث : أن تكون دخيلة في ملاك الحكم حدوثا فقط لا بقاء ، بمعنى أنّها لا دخل لها في بقاء الحكم ، فالحكم لا يدور مدارها في البقاء ، بل بقاء الحكم يكون من ناحية الحدوث ، فبقاء العنوان وعدم بقائه بعد تحقّق أصل الحدوث يكون كالحجر في جنب الإنسان بالنسبة إلى أصل الحدوث ، لأنّ تمام الموضوع في ترتّب الحكم ليس إلّا أصل حدوث العنوان بما أنّه حدث ووجد ، فيكون وجدان العنوان وحدوثه بعنوان صرف الوجود العلّة التامّة المحدثة والمبقية معا ، كما تقدّم بيان ذلك مفصّلا. فالموضوعات ومتعلّقاتها بما لها من العناوين في القضايا الحقيقيّة تكون من سنخ هذين القسمين الأخيرين وإن كان الأغلب بشكل الأوّل منهما ، ولأجل ذلك لم نجد إلى الآن موردا كان العنوان في القضيّة الحقيقيّة قد لوحظ معرّفا إلى ما هو الموضوع في الواقع بلا دخل له في الملاك والمعيار من الحكم.
__________________
(١) الأنبياء : ٧.