وبهذا التقريب وقفت على كيفية الاستدلال بهذه الآية منه عليهالسلام على عدم لياقة عبدة الأصنام لمنصب الخلافة ، إذ وقوع الكلام في أنّ عنوان الظالم المأخوذ في موضوع الآية المباركة هل اخذ دخيلا في الحكم على النحو الأوّل أو على الشكل الثاني ؟ فالاستدلال بالآية الكريمة على عدم لياقة عبدة الأصنام للخلافة إلى الأبد مبتن على أن يكون دخله على النحو الثاني دون الأوّل.
ولا يخفى أنّ الارتكاز الناشئ من مناسبة الحكم والموضوع يستدعي أنّ التلبّس بهذا العنوان آناً ما كاف لعدم نيل العهد والخلافة إلى الأبد ، وإن أسلم الظالم وتاب ورجع عن الظلم إلى الحقّ كتوبة النصوح ، فضلا عمّن أسلم من باب السياسة والنفاق كمعاوية وأبي سفيان عليهما اللعنة والنيران.
وذلك من جهة أنّ فطرة الناس بما لهم من الارتكاز متنفّرة عمّن تصدّى لمنصب إجراء حدود الزنا واللواط وشرب الخمر والقمار وأمثال ذلك مع كونه مرتكبا لها وإن طهر عنها واقعا بالقطع واليقين بالتوبة ، فكيف بالمتصدّي لمنصب الخلافة والإمامة التي هي بعد منصب الرسالة من أعلى المناصب وأعظمها.
بل قد عرفت أنّها في زمن الغيبة واجدة لكلا المرتبتين كالأئمّة الأطهار ، فإنّهم يكونون المثل العليا للإمامة والهدى لكافّة الجامعة البشريّة في مجتمع أقطار العالم الإنسانيّة في السير والسلوك بسيرتهم الحميدة المحمودة في السياسة والولاية ومكارم الأخلاق.
ولقد كفاك شاهدا على ذلك ما يكون في جبلة الناس وارتكازهم الوجدانيّ من سقوط العاصي بارتكاب تلك المعاصي المتقدّمة عن أنظار الناس ، لأنّهم بعد مشاهدة التوبة من العصاة لا يقدمون على الاقتداء بهم في صلاة الجماعة ، إذ بارتكاب المعاصي ينعدم عند الناس والعرف وقارهم وإن عادوا إلى العدالة الواقعيّة بالتوبة ، وإن كان يجوز بعد التوبة وحصول الوثاقة بعدالتهم الاقتداء بهم