في صلاة الجماعة شرعا ، إلّا أنّ الناس لا يرونهم في مقام المتقمّص لهذه الشئون العظيمة السامية المقدّسة.
بل إنّ مثل هؤلاء الأشخاص إذا أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر والمعصية لا يكون أوقع في نفوس الناس ، فيضحكون عليهم بمعنى الاعتراض بأن ليس ذلك في شأنكم ، إذ كنتم مرتكبين لتلك المعاصي الكبيرة ، مع أنّ هذه المناصب من المناصب العلمائيّة. فكيف بمنصب الإمامة والخلافة ، فإنّه بعد الرسالة يكون من أجلّ وأعظم المناصب الإلهية ، وكيف يمكن أن يناله الظالم الذي تلبّس بالظلم في لحظة من أوّل تكليفه وإن كان انقضى عنه الظلم في بعد تلك اللحظة ، فضلا عن العصاة بالكفر والشرك والظلمة العبدة للأصنام والأوثان في سنين متمادية.
وقد أشار إلى عدم نيلهم لذلك المنصب في الباقي من عمرهم بعد دخولهم في الإسلام بالاستبصار إطلاق الحكم في الآية المباركة وأخذ كلمة «لا ينال» في كلامه تعالى بصيغة المضارع من دون أن يقيّدها بزمن دون آخر.
والحاصل : أنّ فطرة الامّة والناس على أنّ المتقمّص لمنصب الإمامة والولاية الكبرى من الخلافة الإلهية ـ التي هي من أعظم المناصب في عالم الاعتبار بعد الرسالة ـ لا بدّ من أن يكون مثالا منزّها منحصرا ساميا للمجتمع من أوّل تولّده وتكليفه إلى آخر عمره من حيث التزكية والتجلية في سيرته وأخلاقه ودرايته وتوجّهه بالمبدإ والمعاد والمعرفة ، ومبرّأ عن أيّة منقصة خلقية وخلقية وقدوة للناس وزعيما وركنا وقائدا مثاليّا لهم ، فلو أنّ احدا اعتاد شرب الخمر والزنا أو اللواط في زمان ، كما تقدّم مفصّلا ، ثمّ تاب وترك وبعد ذلك ادّعى منصب الخلافة من الله ، فالناس في جبلّتهم يرونه من الكاذبين ولا يقبلون دعواه في ذلك ، لأجل أنّهم يرونه ساقطا بارتكاب تلك المعاصي عن شأنيّة ذلك المقام المنيع ، إذ الناس