فهذه الأشكال صارت بمنزلة المحاذير التي تلقّاها شيخنا الاستاذ قدسسره مانعا مستحكما لعدم صحّة الالتزام بالتركيب والتأليف في مفهوم المشتقّ ، بل جعل نفسه متعبّدا بالبساطة في مفهومه لأجلها.
فصار المتحصّل من النتيجة بمسلكه الشريف أنّ خروج مفهوم الشيء عن مفهوم المشتقّ أمر واضح بالبداهة من الضرورة ، تمسّكا بتلك الأدلّة في نظره المبارك ، سواء قلنا بأنّ الشيء عرض عامّ أو جنس ، وسواء كان الناطق فصلا حقيقيا أم كان أظهر الخواصّ وفصلا مشهوريا ، فإنّ دخول الجنس في اللازم كدخوله في الفصل الحقيقي من المحالات المسلّمة بالقطع واليقين ، هذا تمام كلامه زيد في علوّ مقامه.
ولكن قد عرفت غرابة استدلاله قدسسره بما لا مزيد عليه ، إذ الشيء لا يعقل أن يكون جنسا عاليا للأشياء تماما ، من الواجب ، والممكن ، والممتنع ـ كما وقفت على ذلك فيما تقدّم من الأمثلة المتعدّدة الكثيرة ـ إذ أنّه وإن كان صادقا ومنطبقا على جميعها حتّى على المحالات والممتنعات ـ كما يدلّ على ذلك صحّة أن يقال : اجتماع النقيضين شيء محال ، وشريك الباري كذلك عزوجل ، وهكذا أمثال تلك الأمثلة ـ ولكن لا يخفى عليك كما سبق أنّ صدقه كذلك ليس صدقا ذاتيّا بعنوان العارض والمعروض الحقيقي ، ليقال : إنّه جنس عال له ، إذ من البديهي استحالة الجامع الماهوي بين المقولات المتأصّلة والماهيّات المنتزعة والامور الاعتبارية ، بل الحقّ عدم إمكان وعدم تعقّل الجامع الماهوي بين المقولات المتأصّلة بذاتها وأنفسها.
فإذن كيف يمكن تعقّل أن يكون الشيء جامعا ماهويا بين ذاته تعالى وبين غيره من العرضيّات والجوهريات من مخلوقاته ؟ وهذا واضح لمن يكون له أدنى تأمّل بالجواهر والأعراض والأنواع والأجناس.