فإذن نرجع إلى تحقيق ما سبق منّا من أنّ مفهوم الشيء مفهوم عامّ مبهم مندمج في غاية الاندماج والإبهام العاري عن كلّ خصوصيّة من الخصوصيّات ، كمفهوم الأمر والذات ، فيصدق على كلّ الشيء والأشياء بتمامها جميعا ، لكنّه صدقا عرضيّا إلحاقيّا ظاهريّا لفظيّا ، فيكون شبيها بالعرض العامّ لا من سنخ العرض الواقعي المقابل للجوهر ، فإنّه أي العرض المقابل للجوهر لا يصدق على وجود الواجب تعالى ، ولا على غيره من الاعتبارات والانتزاعات وأمثالها ، ومن البديهيات الواضحات أنّ الشيء بما له من المفهوم يصدق على جميع الموجودات على نهج واحد.
ثمّ لا يذهب عليك أنّ مرادنا من العرض والعارض هاهنا ما هو خارج عن ذات الشيء ومحمول عليه ، فيقال لمثل ذلك العارض في الاصطلاح : بخارج المحمول ، فهذا يكون هو الضابط للعرض العامّ والخاصّ ، والعموم والخصوص يختلفان بالإضافة ، فالماشي عرض عامّ باعتبار وإضافة ، وخاصّ باعتبار آخر وإضافة اخرى.
وعلى إشراق هذا البيان في التعبير عن الضابط انقدح بطلان ما ذكره شيخنا الاستاذ قدسسره من البيان له في الضابط للعرض العامّ ، وهو ما كان خاصّة للجنس القريب أو البعيد كالماشي والتحيّز مثلا (١) وذلك لعدم الشاهد والبرهان عليه ، بل الشاهد والبرهان على خلافه كما مرّ ، ولذا ذكروا أنّ الوجود من عوارض الماهية بمعنى : أنّه خارج عن حيطة ذاتها ويحمل عليها.
فما ذكره السيّد الشريف وغيره من المحقّقين : من أنّ الشيء عرض عامّ ، هو الصحيح.
__________________
(١) أجود التقريرات : ٦٩.