«الله تبارك وتعالى علم كلّه وقدرة كلّه وحياة كلّه» (١).
ولا بعد في رجوع ما التزم به صاحب الفصول قدسسره من النقل والتجوّز إلى ذلك التوجيه الذي أوضحناه لك ، فبالوضوح والإشراق أدركت أنّه لا يلزم من عدم إرادة المعنى المتعارف من هيئات المشتقّات بالنسبة إلى صفاته العليا ما سبق من لقلقة اللسان من المحذور الذي ينجرّ إلى تعطيل العقول عند إطلاقها عليه تبارك وتعالى.
وأمّا أنّه يتمّ في مفهوم الوجود فلأجل أنّ إطلاق الموجود عليه تبارك وتعالى إمّا أن يكون بمعناه المتعارف وهو الشيء القيوم الثابت الذي يعبّر عنه في لسان العجم ب (هستي).
وإمّا ان يكون بما يقابله وليس هذا إلّا العدم والمعدوم.
وإمّا أن يراد منه شيء أو معنى لا نفهمه.
فمن البديهي أنّه على الثاني يلزم تعطيل العالم عن الصانع والخالق.
وعلى الثالث ملازم لتعطيل العقول وأن يكون التلفّظ به بمجرّد لقلقة اللسان ومجرّد التلفّظ بالألفاظ مهملا بلا معنى ومفهوم يراد منها ، فلا يخفى عليك أنّ كلا الأمرين غير ممكن الالتزام ، فيكون الحقّ المتعيّن المبيّن المصدّق هو الأوّل وليس إلّا هو.
الفرق بين المشتقّ والمبدأ
وكيف كان فقد انتهى كلامنا إلى بيان ما يكون هو الفارق بين المبدأ والمشتقّ على القول بكونهما متّحدين كاتحاد الوجود والموجود ، وقد اشتهر بين الحكماء
__________________
(١) بحار الأنوار ٤ : ٨٤ ، الحديث ١٧ و ١٨.