فتمسّك بإطلاقه في مقام الإثبات لإثبات الإطلاق في مقام الثبوت بقانون التبعية إذا تمّت مقدّمات الحكمة.
مثلا لو شكّ في اعتبار شيء في البيع كالعربيّة أو اللفظ أو نحو ذلك لأمكن لنا التمسّك بإطلاق قوله تعالى : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ)(١) لإثبات عدم اعتباره فيه ، وأمّا إذا كان مقيّدا بشيء من الخصوصيات المتقدّمة فنستكشف منه التقييد ثبوتا بعين الملاك المذكور.
وقد اشكل عليهم بأنّ هذا الفرق بعيد عن الصحّة ، وذلك لأنّ صحّة الحمل وعدم صحّتها لا تختلف من حيث اعتبار شيء لا بشرط أو بشرط لا ؛ لأنّ العلم والحركة والضرب وما شاكلها ممّا يمتنع حملها على الذوات وإن اعتبر لا بشرط ألف مرّة ، فإنّ ماهيّة الحركة أو العلم بنفسها غير قابلة للحمل على الشيء ، فلا يقال : «زيد علم أو حركة» ومجرّد اعتبارها لا بشرط بالإضافة إلى الطوارئ والعوارض الخارجيّة لا يوجب انقلابها عمّا كانت عليه ، فاعتبار اللابشرط وبشرط اللا من هذه الناحية على حدّ سواء ، فالمطلق والمقيّد من هذه الجهة سواء ، وكلاهما آبيان عن الحمل. فما ذكروه من الفرق بين المشتقّ والمبدأ بهذا السنخ من الفرق لا يرجع إلى معنى معتمد صحيح.
ولا يخفى عليك أنّ ما ذكره ليس مرادا للفلاسفة من الكلمتين «اللابشرط وبشرط اللا» يقينا كما ينقدح لك ذلك عن قريب ، وعليه فما أورده قدسسره عليهم غير وارد عليهم ، فيكون في غير محلّه.
وبالجملة كما يمكن تصوّر العرض بشرط لا ، بحيث لا يكون معه شيء ويكون عاريا ومقطوعا عن جميع الخصوصيات والقيود ، بحيث يكون معرّى
__________________
(١) البقرة : ٢٧٥.