خروج مسألة حجّية خبر الواحد ؛ إذ من الواضح أنّ البحث فيها لا يرجع إلى عوارض السنّة التي هي عبارة عن موضوع علم الاصول ، بل يرجع إلى عوارض الخبر ، وهو ليس بسنّة.
ويلحق بهذا خروج بحث مسألة حجّية الإجماع المنقول والشهرة الفتوائيّة ، وكلّ مباحث التعادل والترجيح ، وأبحاث الاصول العملية الشرعيّة والعقليّة ؛ إذ غير خفيّ على كلّ أحد من الأصحاب أنّ البحث في تلك المباحث بأجمعها ليس عن العوارض الذاتية لأحد الأدلّة الأربعة ، كما هو أظهر من الشمس.
وقد بقي الكلام بالنسبة إلى نتيجة هذين القولين ، فحاصل النتيجة والثمرة بحسب الواقع والحقيقة أنّه لا فرق بين هذا القول والقول الأوّل عدا مسألة حجّية ظواهر الكتاب وحجّية العقل ؛ إذ هما خارجان من المسائل الاصوليّة على القول الأوّل دون القول الثاني فإنّهما منها على القول الثاني.
ومن هنا لمّا أدرك شيخنا الأنصاري قدسسره هذا المحذور التجأ إلى إرجاع هذا البحث من حجّية خبر الواحد إلى البحث عن عوارض السنّة ، بتقريب أنّ السنّة التي هي عبارة عن قول المعصوم أو فعله أو تقريره يمكن أن تثبت بخبر الواحد أو لا يمكن ، وبذلك الإمكان أدخل مسألة حجّية خبر الواحد في مسائل الاصول لاستنباط الأحكام الفقهيّة الباحثة عن أحوال الأدلّة الأربعة (١).
وأنت خبير بأنّ هذا الإرجاع لا يسمن ولا يغني من جوع في حلّ الإشكال ؛ إذ يرد عليه أوّلا : أنّ ذلك لا يفيده في حلّ الإشكال ؛ إذ أنّه لو أراد من هذا الثبوت الثبوت الواقعي التكويني ، بمعنى أنّ خبر الواحد بحسب الواقع علّة ووسيلة لإثبات السنّة واقعا وحقيقة ، فذلك لا يقبله العقل وهو غير معقول ؛ إذ من
__________________
(١) فرائد الاصول : ١ : ١٠٨.