الواضحات غير القابلة للإنكار عدم كون خبر الواحد من سلاسل علل وجود إثبات السنّة بالمعنى المتقدّم في الخارج حتّى لا ينفكّ عن الحجّية ؛ إذ خبر الواحد إنّما يكون حاك عن السنّة ، والحكاية تحتمل الصدق والكذب ، وكيف يعقل أن نثبت السنّة به في الخارج واقعا مع أنّ الحكاية عن الشيء إنّما تكون في رتبة متأخّرة عن ذلك ؛ إذ من البديهي تأخّر الحاكي عن المحكيّ عنه من حيث الرتبة.
وعلى فرض التسليم أنّ البحث هنا يكون بنحو كان التامّة ، وإنّما يثبت الموضوع لا عوارضه الذاتيّة. فإن كان مراده من هذا الكلام والثبوت الثبوت الواقعي التكويني الذهني ، أي كون الخبر الواحد علّة في سلسلة الوسائط المثبتة للسنّة بالوجدان الواقعي ، فذلك أيضا بعيد عن التعقّل ، إذ من الواضحات الأظهر من الشمس عدم كون خبر الواحد مفيدا للعلم واليقين الوجداني بثبوت السنّة وإثباتها في عالم الواقع كالخبر المتواتر.
وبالجملة ، كيف يعقل انكشاف السنّة من ناحية خبر الواحد واقعا نظير انكشافها بالخبر المتواتر والقرينة القطعيّة ؟ على أنّنا لو صدّقناكم فالمسألة تخرج عن حجّية خبر الواحد موضوعا ؛ إذ المسألة حينئذ تدخل في مصاديق حجّية العلم واليقين الوجداني بحصول السنّة التي لا مناص إلّا الجري على طبقها ، وأين هذا ومسألة حجّية خبر الواحد ؟
وملخّص الكلام ـ كما تقدّم ـ أنّ حجّية خبر الواحد غير منفكّة عن احتمال الصدق والكذب ، بل ذلك الاحتمال لازم لذات كلّ أخبار الآحاد ؛ فإذن لا يعقل أن يكون خبر الواحد واقعا في سلك ثبوت السنّة في الواقع ونفس الأمر ، وبذلك البيان وقفت على عدم تعقّل كونه واسطة لإثبات السنّة كذلك.
وإن كان مراده قدسسره الثبوت التعبّدي في المقام كما يكون هذا هو المستظهر من