الامور الواقعيّة من دون أن يكون له ربط بالاعتبار ، أو لا بل إنّما هو من الامور الاعتباريّة حتّى يكون قوامه بيد المعتبر في عالم الاعتبار فقط ؟
الناحية الرابعة : في أقسام الوضع من حيث الثبوت والإمكان ، ومن حيث الوقوع ثانيا.
أمّا الكلام في الناحية الاولى فقد احتمله بعض بأنّ دلالة الألفاظ على معانيها نشأت من ناحية المناسبة الذاتيّة بينهما (١) ، وتلك المناسبة تكون أساس الدلالة ، لا الوضع.
فلا يخفى عليك أنّ هذا الكلام مورد إشكال لا يمكن الجواب عنه ، إذ المراد من الدلالة الذاتيّة لو كانت منتهية إلى ارتباط مكنون بين ذاتهما ولا ينفك عنهما ، بل هو مستقرّ بينهما ، فذلك كذب محض ، إذ كيف يتصوّر أن يقال : بين اللفظ والمعنى مناسبة ذاتيّة واقعيّة بحدّ يوجب مجرّد سماع اللفظ إحضار المعنى بعنوان العلّة التامّة في الانتقال إلى ذهن السامع ، ولو كان هو جاهلا من غير أهل اللسان واللغة ؟ بل إنّ ذلك ينتهي إلى الإفراط الباطل.
إذ لازم هذا القول أن نقول بتمكّن كلّ شخص من الاطلاع والإحاطة بتمام اللغات ، فضلا عن لغة واحدة. وهذا من حيث البطلان بحيث يضحك الثكلى إذ السامع للألفاظ لا ينتقل إلى ذهنه بعض معاني ألفاظ لسانه ، فضلا عن أن يكون بالدلالة الذاتيّة محيطا على الاطلاع والانتقال على جميع معاني الألفاظ في كلّ لغة.
وبالجملة إنّ الالتزام بالدلالة الذاتيّة بين الألفاظ والمعاني ـ بحيث يوجب أن
__________________
(١) نسبه في القوانين ١ : ١٩٤ إلى عباد بن سليمان الصيمري وأصحاب التكسير.