صاحب الدرك والإمعان.
هذا تمام الكلام بالنسبة إلى بيان الوجه الأوّل.
وثانيا : لو فرضنا صحّة امتناع الترجيح بلا مرجّح ، إلّا أنّ المرجّح ليس في انحصار تلك المناسبة المزبورة حتّى نبتلى بمحذور تلك المصيبة من غير التخلّص منها ؛ إذ من الواضح كفاية وجود المرجّح في الجملة ، ولو في ضمن أمر اتّفاقي ؛ إذ المحذور إنّما يرد من ناحية الترجيح بلا مرجّح ، فإذا وجد المرجّح فلا محالة يندفع المحذور بلا فرق بين وجود مرجّح ذاتي ومرجّح ذاتي ومرجّح اتّفاقي ، إذ بالضرورة من الوجدان أنّ المانع في ذلك المقام ليس إلّا الترجيح من دون وجدان المرجّح.
على أنّ المرجّح لو كان ممّا لا بدّ منه ، فلا بدّ من أن يكون في اختيار الواضع عند فعل الوضع حتّى يكون أصل الفعل الصادر من الفاعل والواضع مع الترجيح ، وذلك الرجحان يمكن وجوده في نفس الوضع وإن فقد تلك المناسبة فيما بين اللفظ والمعنى.
هذا تمام الكلام بالنسبة إلى الناحية الاولى ، فخذ واغتنم.
وقد بقي الكلام بالنسبة إلى الناحية الثانية ، فلا بدّ لنا من البحث في بيان ذلك ، فلا يخفى عليك أنّ شيخنا الاستاذ قدسسره اختار أنّ الواضع في وضع الألفاظ للمعاني هو الله الحكيم لا غير.
وقد أقام الدليل على هذا الاختصاص بأنّا على يقين فيما بيدنا من التواريخ عدم وجدان شخص خاصّ أو مجتمع مخصوص تصدّى لذلك الأمر ، حتّى نلتزم بأنّهم وضعوا الألفاظ المتكثّرة في لغة واحدة لمعانيها المستفادة منها عند البيان والتكلّم ، فضلا عن سائر اللغات الموجودة في كلّ لسان من ألسنة