إمكانهم ، بل لم يكونوا قادرين على ذلك بالقطع واليقين ، فما الظنّ منك بالنسبة إلى التمكّن على ذلك من شخص واحد في قبال كثرة المعاني التي هي خارجة عن إدراك تصوّرها من شخص واحد أو أفراد متكثّرة ومتعدّدة.
وملخّص المطلب مع التفصيل المتقدّم منّا بالنسبة إلى أخذ نتيجة كلامه قدسسره في هذا المقام يتشخّص في امور :
الأوّل منها : أنّ الوضع يكون من شئون الله تبارك وتعالى ، فيكون الواضع هو الله عزّ اسمه ، إلّا أنّه في غير منهج إرسال الرسل وإنزال الكتب ، كما يكون الحال بهذا المنوال في إبلاغ الأحكام وإيصالها إلى العباد عند الامتثال ولا جعل الامور التكوينية التي فطر الإنسان على إدراكها ، بل الطريق منحصر بطريق الإلهام إلى كلّ عنصر من عناصر البشر بما له من الاستعداد في ذلك الميدان.
والثاني : أنّه قدسسره قال بوجود مناسبة مجهولة بين تلك المعاني والألفاظ في اللغات الدارجة.
الثالث : أنّه عزوجل اختار هو الوضع بلحاظ هذه المناسبة فقط.
الرابع : ذكر قدسسره أنّ هذا الوضع من الجعليّات المتوسّطة بين الجعل التكويني والجعل التشريعي.
الخامس : أنّه قدسسره أفاد ـ بعد نفي الدلالة الذاتية في بيان توضيح انحصار الوضع بالله العليّ الحكيم دون غيره من الواضعين في وجه ذلك الانحصار والاختصاص ـ أمرين : الأوّل : عدم تمكّن الشخص الواحد من التصدّي للوضع في اللغات ، لعدم إمكان إحاطته بتمام ألفاظ لغة واحدة ، فضلا عن الإحاطة بجميع اللغات المتكثّرة والمتعدّدة.
وثانيهما : أنّه قدسسره ذكر أنّ الشخص الواحد لو فرضنا قدرته على ذلك الأمر المهمّ ، وأنّه قادر على التصدّي لاختيار وضع الألفاظ لما لها من المعاني إمّا