والربط الناقص.
ونستخلص من ذلك : أنّ الحروف تدلّ دائماً على النسبة الناقصة ، وأمّا الهيئات فهي في بعض الأحيان تدلّ على النسبة التامة كما في الجمل المفيدة الاسمية والفعلية ، وأحياناً تدلّ على النسبة الناقصة كما في الجمل الوصفية.
وأمّا ما هو الفرق الجوهري بين واقع النسبة التامة وواقع النسبة الناقصة؟ فهذا ما نجيب عليه في الحلقات المقبلة إن شاء الله تعالى.
قلنا سابقاً (١) : إنّ دلالة اللفظ على المعنى هي : أن يؤدّي تصور اللفظ إلى تصور المعنى ، ويسمّى اللفظ «دالّا» ، والمعنى الذي نتصوره عند سماع اللفظ «مدلولاً».
وهذه الدلالة لغوية ، ونقصد بذلك : أنّها تنشأ عن طريق وضع اللفظ للمعنى ؛ لأنّ الوضع يوجِد علاقة السببية بين تصور اللفظ وتصور المعنى ، وعلى أساس هذه العلاقة تنشأ تلك الدلالة اللغوية ، ومدلولها هو المعنى اللغوي للَّفظ.
ولا تنفكّ هذه الدلالة عن اللفظ مهما سمعناه ومن أيِّ مصدرٍ كان ، فجملة «الحقّ منتصر» إذا سمعناها انتقل ذهننا فوراً إلى مدلولها اللغوي ، سواء سمعناها من متحدِّثٍ واعٍ أو من نائمٍ في حالة عدم وعيه ، وحتى لو سمعناها نتيجةً لاحتكاك حجرين ، فإنّ الجملة في جميع هذه الحالات تدلّ دلالةً لغويةً ، أي تؤدّي بنا إلى تصور معناها اللغوي ، فنتصور معنى كلمة «الحقّ» ونتصور معنى كلمة «منتصر» ، ونتصور النسبة التامة التي وضعت هيئة الجملة لها ، وتسمّى هذه
__________________
(١) مضى تحت عنوان : ما هو الوضع والعلاقة اللغويّة؟