وأشار بقوله : (ما فعل) إلى ما وقع منه سنة ثلاث وستّين ، فإنّه بلغه أنّ أهل المدينة خرجوا عليه وخلعوه ، فأرسل إليهم جيشاً عظيماً وأمرهم بقتالهم ، فجاؤوا إليهم وكانت وقعة الحرّة على باب طيبة ، وما أدراك ما وقعة الحرّة! ذكرها الحسن مرّة فقال : لله ما كاد ينجو منهم واحد ، قتل فيها خلق من الصحابة ومن غيرهم ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون. وبعد اتّفاقهم على فسقه اختلفوا في جواز لعنه بخصوص اسمه ، فأجازه قومٌ منهم ابن الجوزي ونقله عن أحمد وغيره.
ثمّ ذكر عن صالح بن أحمد بن حنبل : «قوله : قلت لأبي : إنّ قوماً ينسبوننا إلى تولّي يزيد ، فقال : يا بني وهل يتولّى يزيد أحد يؤمن بالله؟! فقلت : لم لا تلعنه؟ فقال : يا بني لم لا يلعن من لعنه الله في كتابه؟ قال : فقلت : وأين لعن؟ قال : في قوله تعالى : (فهل عسيتم أن تولّيتم أن تفسدوا الأرض ... الخ)(١).
كذلك وصنّف القاضي أبو يعلى كتاباً ذكر فيه بيان من يستحقّ اللعن وذكر منهم يزيد ، ثمّ ذكر حديث «من أخاف أهل المدينة ظلماً أخافه الله وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين» قائلا : «ولا خلاف أنّ يزيد غزا المدينة المنوّرة بجيش وأخاف أهلها».
والحديث الذي ذكره رواه مسلم.
ووقع من ذلك الجيش من القتل والفساد العظيم والسبي وإباحة المدينة ما هو مشهور حتّى فضّ نحو ثلاثمائة بكر(٢) ، وقتل من الصحابة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) سورة محمد(صلى الله عليه وآله) : آيات ٢٢ و ٢٣.
(٢) ذكر هذا العدد صاحب الصواعق ، ولكن في تاريخ الأحمدي والبداية والنهاية لابن