الجميع ؛ لأنّ الإخبار بالمغيّبات دليل على صدوره من عند علاّم الغيوب ، لأنّ الله وحده هو الذي يعلم بما سيكون. فلمّا جاءهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالآيات قبل وقوع الأحداث فهموا بأنّه منزل من قبل الله.
وقد تنزّل آية آية ثمّ يؤلّف منها سورة طبقاً لما نزل من اللوح المحفوظ وذلك بالتنسيق بين جبريل عليهالسلام ورسول الله (صلى الله عليه وآله) ، لقوله تعالى (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَاْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ). وقد التبس الأمر على عمر بأنّ له أن يؤلّف من ثلاث آيات سورة حسبما سيأتي.
وعليه فمن معاني الجمع هو ما يأتي بعد التفريق ، أي أنّ الله سيجمع ما أنزله مفرّقاً ومنجّماً على رسوله ويجعله قرآناً للناس ، فإذا قضى الوحي بقرآنيّته فعلى الرسول اتّباع قرآنه : (فَإِذَا قَرَاْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) أو قوله تعالى : (وَلاَتَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ) ؛ لأنّه قد ينزّل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) آيتان لسورتين مختلفتين في آن واحد فيطلب رسول الله (صلى الله عليه وآله) تدوينها منفصلتين حتّى يأتي جبريل في كلّ عام فيعيّن مكانها في السور.
وقد تقدّم حادثة ويؤخّر مكانها في السورة ، وقد تؤخّر آية وهي مقدّمة زماناً على سابقتها مثل تأخير آية البلاغ على آية الإكمال في سورة المائدة وهي المتقدّمة زماناً على آية الإكمال وغيرها كثيرٌ في القرآن.
وقد يأتي الناسخ قبل المنسوخ ، والآية المكّية في السورة المدنية و ... كلّها لمصالح ، منها عدم امتداد يد التحريف إلى الكتاب العزيز.