الخلق (إِلَّا) متلبسا (١) (بِالْحَقِ) اى لاظهار صنعته ودلالة قدرته مراعيا فيه مقتضى الحكمة البالغة (يُفَصِّلُ) قرا ابن كثير وابو عمرو وحفص بالياء على الغيبة لقوله تعالى (ما خَلَقَ اللهُ) والباقون بالنون على التكلم والتعظيم (الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٥)) اى يتدبرون. (إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) اى فى مجيء كل منهما خلف الاخر او فى اختلاف لونهما (وَما خَلَقَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) اى من انواع الكائنات (لَآياتٍ) على وجود الصانع ووحدته وكمال علمه وقدرته وتنزهه عن المناقص (لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (٦)) العواقب فانه يحملهم على التفكر والتدبر. (إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا) اى ثوابنا فان أعظم المثوبات لقاء الله سبحانه ورؤيته (وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا) اختاروها على الاخرة (وَاطْمَأَنُّوا بِها) اى سكنوا إليها واقتصروا على لذائذها وزخارفها وتركوا ما يفيدهم للاخرة (وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا) اى عن الادلة الدالة على وجود الصانع (غافِلُونَ (٧)) فعلى هذا المراد بالأولين اهل الكتاب من الكفار الذين يعتقدون الصانع ويعلمون البعث والنشور ومع ذلك اختاروا الدنيا على الاخرة ويئسوا من ثواب الاخرة واقتصروا على لذائذ الدنيا ـ وبالآخرين الذين لم يوحدوا الله تعالى ولا يعرفون البعث والجزاء ـ وقال البيضاوي المراد بالأولين من أنكر البعث ولا يرجون اى لا يتوقعون الجزاء ولم يروا الا الحيوة الدنيا ـ وبالآخرين من الهاهم حب العاجل عن التأمل فى الاجل والاعداد له ـ وقيل العطف لتغائر الوصفين والتنبيه على ان الوعيد على الجمع بين الذهول عن الآيات رأسا والانهماك فى الشهوات بحيث لا يخطر ببالهم أصلا ـ وقال البغوي الرجاء يكون بمعنى الخوف والطمع فمعنى (لا يَرْجُونَ لِقاءَنا) لا يخافون عقابنا ولا يرجون ثوابنا ـ وقال ابن عباس (عَنْ آياتِنا غافِلُونَ) يعنى عن محمد صلىاللهعليهوسلم والقران غافلون معرضون. (أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا) أولئك مبتدا مأويهم مبتدا ثان والنار خبره والجملة خبر أولئك وجملة أولئك خبر انّ (يَكْسِبُونَ (٨)) من الكفر والمعاصي اى بما واظبوا عليه وتمرّنوا بالمعاصي ـ الباء فى بما كانوا متعلق بمحذوف دل عليه الكلام اى جوزوا. (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ) يرشدهم (رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ)
__________________
(١) في الأصل ملتبسا.