كلماتهم يعلم أنهم ذكروا هذا المعنى ضمن المعاني التي تحتملها الآية المذكورة ، لا بصدد تخطئة أبي عبيدة.
(١٠) إنّ جمهور أهل العربية قالوا بأنّ تفسير أبي عبيدة ليس كون لفظ ( المولى ) بمعنى ( الأولى ).
فظهر أنّ ( للدهلوي ) في كلمته المختصرة هذه أكاذيب عشرة لم يتفوّه الرازي في تلفيقاته المطولة بواحدة منها.
ثم إنّ الأصل في دعوى عدم مجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) وعدم مجيء ( مفعل ) بمعنى ( أفعل ) هو الفخر الرازي فإنه قال : « ثمّ إن سلّمنا صحة أصل الحديث ومقدمته ، فلا نسلّم دلالته على الامامة ، ولا نسلّم أن لفظ المولى محتملة للأولى ، والدليل عليه أمران : أحدهما ـ إنّ ( أفعل من ) موضوع ليدل على معنى التفضيل ، و ( مفعل ) موضوع ليدل على الحدثان أو الزمان أو المكان ، ولم يذكر أحد من أئمة النحو واللغة أن المفعل قد يكون بمعنى أفعل التفضيل ، وذلك يوجب امتناع إفادة المولى بمعنى الأولى » (١).
لقد ذكر الرازي للمفعل ثلاثة معان (١) الحدثان (٢) الزمان (٣) المكان ولم يذكر له معنى غيرها ، والحال أن لفظ ( المفعل ) يأتي لإفادة معنى ( الفاعل ) و ( المفعول ) و ( الفعيل ) ، كما سيعلم ذلك من كلمات أئمة اللغة الذين عليهم مدار علم العربية ، وإنّ مجيئه بهذه المعاني بلغ من الشهرة والظهور إلى حد لم يتمكّن أحد من المتعصّبين إنكاره ، بل إنّ الرازي نفسه يعترف بمجيئه بمعنى ( الفاعل ) و ( الفعيل ). فقد قال في ( نهاية العقول ) : « وأمّا قول الأخطل :
__________________
(١) نهاية العقول ـ مخطوط.