أقول :
هذه الدعوى لا دليل عليها ، وأبو زيد كان معاصرا لأبي عبيدة ، وكان يقاربه في السنّ أيضا ، فأبو زيد ولادته سنة (١٢٠) كما في ( طبقات القراء ) لابن الجزري وتوفي كما ذكر النووي سنة (٢١٥) وله من العمر (٩٣) وكذا ذكر الذهبي في ( العبر ) واليافعي في ( مرآة الجنان ).
وأبو عبيدة ولد سنة (١١٢) ومات سنة سبع ، وقيل عشر ، وقيل إحدى عشرة ومائتين كما في ( بغية الوعاة ).
ثم إنّ أبا زيد كان أعلم وأفضل من أبي عبيدة ، كما تفيد عبارات المبرّد وغيره.
على أنّ كلام ( الدهلوي ) هذا يشتمل على تكذيب الكابلي ، فإنّ الكابلي نفى صحة ثبوت مجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) عن أبي زيد ، لكنّ ( الدهلوي ) يصرّح بتجويز أبي زيد ذلك ، ويدّعي أنه قد اعتمد في هذا القول على قول أبي عبيدة ، وهذا كلّه ردّ على الكابلي وتكذيب لإنكاره ثبوت قول أبي زيد بهذا المعنى ، ولله الحمد على ذلك.
كما أنّ ظاهر كلام ( الدهلوي ) هو الاعتراف بتفسير أبي عبيدة ( هِيَ مَوْلاكُمْ ) بقوله : « أي أولى بكم » فأبو عبيدة أيضا ممن يقول بمجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) ، وبه فسّر هذا اللفظ في الكلام الإلهي ، فاستنكار ( الدهلوي ) أخذ ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) في حديث الغدير في غاية البطلان. وأمّا حمله تفسير أبي عبيدة على أنه بيان لحاصل معنى الآية فيأتي جوابه عن قريب ، وخلاصته : أن هذا الحمل دعوى لا دليل عليها ، على أنه ـ لو سلّم ـ لا ينافي استفادة معنى ( الأولى ) من تلك اللفظة بوجه من الوجوه.