لكن من دأب المتعصب العنيد أن يخالف الحق مكابرة ، وينكره لغرض إبطال استدلال خصمه!!
لقد ذكر الرازي في آخر كلامه الذي شحنه بالأباطيل بأنّ « هذا الوجه فيه نظر مذكور في الأصول » يعني أن الحق ما ذهب إليه في المحصول من منع القول بلزوم وقوع أحد المترادفين مقام الآخر.
أقول : فإذا كان هذا الوجه مردودا ، فأيّ وجه لذكره مع هذا التطويل؟
والأغرب من ذلك استحسان الاصفهاني والإيجي والشريف الجرجاني وابن حجر المكي والبرزنجي والسهارنفوري الوجه المردود مع عدم تعرضهم لكونه مردودا منظورا فيه كما اعترف الرازي نفسه!! ثم جاء ( الدهلوي ) فرحا مستبشرا فقلّد الرازي في ذكره ، وغضّ النظر عن وجه النظر فيه ، مخالفا للكابلي الذي أعرض عن ذكر النقض من أصله لعلمه بوهنه وبطلانه.
وكما أن القول بوجوب قيام أحد المترادفين مقام الآخر ممنوع عند الرازي في ( المحصول ) ومنظور فيه عنده في ( نهاية العقول ) ، فإنّ سائر المحققين من أهل السنة يذهبون إلى هذا المذهب ، ويصرّحون بعدم وجوب ذلك. فقد قال القاضي محب الله البهاري في ( سلّم العلوم ) : « ولا يجب قيام كلّ مقام الآخر وإن كانا من لغة ، فإن صحة الضم من العوارض ، يقال : صلّى عليه ، ولا يقال دعا عليه ».
وقد تبعه على ذلك شرّاح كتابه ( مسلّم الثبوت ) وأقاموا الأدلة على هذا القول فليرجع إليها.