كلّه » (١).
وأما قول ابن كثير : « فإنه حديث منكر جدّا بل كذب ، لمخالفته ما ثبت في الصحيحين عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أن هذه الآية نزلت في يوم الجمعة يوم عرفة ، ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم واقف بها كما قدمناه ».
فالجواب عنه ـ بعد تسليم صحة حديث الصحيحين سندا ، وبعد غض النظر عن عدم صلاحيته للمعارضة مع حديث أبي هريرة المذكور ، لكونه متفقا عليه دونه ـ إنه يحتمل أن تكون هذه الآية نازلة مرتين ، والجمع بين الحديثين بهكذا احتمال كثير شائع بين العلماء ، كما لا يخفى على من يتتبع كتب الحديث والتفسير وشروح الحديث ، وسيجيء إن شاء الله تعالى بيان ذلك في الوجه السادس.
ولقد صرح سبط ابن الجوزي بهذا الاحتمال في خصوص هذه الآية الكريمة ، وبذلك أجاب عن دعوى ضعف حديث نزولها في يوم غدير خم ، فقد قال ما نصه : « فإن قيل : فهذه الرواية التي فيها قول عمر رضياللهعنه : أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة. ضعيفة.
فالجواب : إن هذه الرواية صحيحة ، وإنما الضعيف حديث رواه أبو بكر أحمد بن ثابت الخطيب عن عبد الله بن علي بن محمّد بن بشر ، عن علي بن عمر الدار قطني ، عن أبي نصر حبشون بن موسى بن أيوب الخلال ، رفعه إلى أبي هريرة وقال في آخره : لمّا قال النبي صلّى الله عليه وسلّم : من كنت مولاه فعلي مولاه نزل قوله تعالى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ) الآية. قالوا : وقد انفرد بهذا الحديث حبشون ، ونحن نقول : نحن ما استدللنا بحديث حبشون ،
__________________
(١) نزهة المجالس ١ / ١٧٤.