والأفضلية تستلزم الامامة كما بينا ذلك بالتفصيل في ( المنهج الأول ) ، وسنوضحه في البحوث الآتية إن شاء الله تعالى ... ولكن لا بأس يذكر كلمات بعض أساطين أهل السنة الصريحة في لزوم كون الخليفة أفضل الناس ، وأنه لا يجوز خلافة المفضول مع وجود الأفضل منه في الأمة :
قال ابن تيمية : « أمّا جمهور الناس ففضّلوا عثمان ، وعليه استقرار أهل السنة ، وهو مذهب أهل الدين ومشايخ الزهد والتصوف وأئمة الفقهاء ، كالشافعي وأصحابه وأبي حنيفة وأصحابه ، وهو أصح الروايتين عن مالك وعليها أصحابه. قال مالك : لا أجعل من خاض في الدماء كمن لم يخض فيها ، وقال الشافعي وغيره : إنه بهذا السبب قصد وإلى المدينة الهاشمي ضرب مالك ، وجعل طلاق المكره سببا ظاهرا ، وهو أيضا مذهب جماهير أهل الكلام : الكرامية والكلابية والأشعرية والمعتزلة.
وقال أيوب السختياني : من لم يقدّم عثمان على علي فقد أزرى المهاجرين والأنصار ، وهكذا قال أحمد بن حنبل وأبو الحسن الدار قطني وغيرهما. إنهم اتفقوا على تقديم عثمان ، ولهذا تنازعوا فيمن لم يقدّم عثمان هل يعدّ مبتدعا على قولين ، هما روايتان عن أحمد ، فإذا قام الدليل على تقديم عثمان كان ما سواه أوكد.
فأمّا الطريق التوفيقي فالنص والإجماع ، أمّا النص ففي الصحيحين عن ابن عمر قال : كنا نقول ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم حي : أفضل أمة النبي بعده أبو بكر ثم عمر ثم عثمان. وأما الإجماع فالنقل الصحيح قد ثبت : إن عمر جعل الأمر شورى في ستة ، وأنّ ثلاثة تركوه لثلاثة : عثمان وعلي وعبد الرحمن ، وأن الثلاثة اتفقوا على أن عبد الرحمن يختار واحدا منهما ، وبقي عبد الرحمن ثلاثة أيام حلف أنه لم ينم فيها كثير نوم يشاور المسلمين ، وقد اجتمع بالمدينة أهل الحلّ والعقد حتى أمراء الأمصار ، وبعد ذلك اتفقوا على مبايعة عثمان بغير رغبة ولا