وقولا علي بن أبي طالب رضياللهعنه ، والمراد بالتولي الولاية ، وهو الصديق الناصر ، أو الأولى بالاتباع والقرب كقوله تعالى : ( إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ ) وهذا هو الذي فهمه عمر رضياللهعنه من الحديث ، فإنّه لمّا سمعه قال : ليهنئك يا ابن أبي طالب أمسيت وليّ كلّ مؤمن ومؤمنة » (١).
لكنّ العجب من ابن حجر المكي إذ ناقض نفسه فأنكر مجيء ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) مطلقا ، فإنه مع تنصيصه في الوجه الثالث على أن كون ( المولى ) بمعنى ( الأولى بالاتباع والقرب من النبي ) « هو الواقع إذ هو الذي فهمه أبو بكر وعمر ... » قال في الوجه الثاني من وجوه الرد على تمسك الشيعة بحديث الغدير :
« وثانيها : لا نسلّم أنّ معنى المولى ما ذكروه ، بل معناه الناصر ، لأنه مشترك بين معان كالمعتق والعتيق والمتصرف في الأمر والناصر والمحبوب ، وهو حقيقة في كلّ منها ، وتعيين بعض معنى المشترك من غير دليل يقتضيه تحكّم لا يعتد به ، وتعميمه في مفاهيمه كلها لا يسوغ ، لأنه إن كان مشتركا لفظيا بأن تعدّد وضعه بحسب تعدّد معانيه كان فيه خلاف ، والذي عليه جمهور الأصوليين وعلماء البيان واقتضاء الاستعمالات العصماء للمشترك أنه لا يعمّ جميع معانيه ، على أنّا لو قلنا بتعميمه على القول الآخر أو بناء على أنه مشترك معنوي بأن وضع وضعا واحدا للقدر المشترك وهو القرب المعنوي من الولي بالفتح فيصلح لصدقه على كلّ مما مر ، فلا يتأتى تعميمه هنا ، لامتناع إرادة كل من العتق والعتيق.
فتعيّن إرادة البعض ، ونحن وهم متفقون على صحة إرادة الحب بالكسر. وعلي رضياللهعنه سيدنا وحبيبنا.
على أنّ كون المولى بمعنى الامام لم يعهد لغة ولا شرعا. أمّا الثاني فواضح ،
__________________
(١) ذخيرة المآل ـ مخطوط.