وابعد من الحق من الجاهل بالجهل البسيط فالانعام لا يميزون بين الحق والباطل والكفار يحكمون بحقيقة الشرك ويعبدون الحجارة بلا دليل بل مع ظهور بطلانها وينكرون الرسل مع شواهد الحجج والمعجزات وسطوع برهانها. وقيل لان البهائم تنقاد من يتعهدها وتميز من يحسن إليها ممن يسئ إليها وتطلب ما ينفعها وتهرب ممّا يضرها وهؤلاء لا ينقادون لربهم ولا يعرفون إحسانه من اساءة الشيطان ويمكن ان يقال ان الانعام تعرف خالقها وتسجد له وتسبح له بحمده وتعقل وان كان تعقلهم غير مدرك للعوام. وقد روى الشيخان فى الصحيحين عن ابى هريرة عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال بينما رجل يسوق بقرة إذ عيى فركبها فقالت لم نخلق لهذا انما خلقنا لحراثة الأرض فقال الناس سبحان الله بقرة تكلم فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم فانى او من به وابو بكر وعمر رض وما هما (١) ثمه وقال بينما رجل فى غنم له إذ عدا الذئب على شاة منها فاخذها فادركها صاحبها فاستنقذها فقال له الذئب فمن له يوم السبع إذ لا راعى لها غيرى فقال سبحان الله ذئب يتكلم فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم او من به انا وابو بكر رض وعمر رض وماهما ثمّ. فائدة : للملائكه روح وعقل وللبهائم نفس وهوى والآدمي مجمع للجميع فان غلب نفسه وهواه على الروح والعقل كان اضلّ من البهائم وان غلب عقله وروحه على النفس والهوى كان أفضل من الملائكة ـ. (أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ) الم تنظر الى صنعه (كَيْفَ مَدَّ الظِّلَ) كيف بسطه او المعنى الم تنظر الى الظل كيف مده ربك فغير النظم اشعار ابان المعقول من هذا الكلام لوضوح برهانه هو (٢) دلالة حدوث الظل وتصرفه على الوجه النافع بأسباب ممكنة علا ان ذلك فعل للصانع الحكيم كالمشاهد المرئي فكيف بالمحسوس او المعنى الم ينته علمك الى ربك كيف مد الظل وهو ما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس جعله ممدودا لانه ظل لا شمس معه كما قال فى ظل الجنة وظلّ ممدود او المراد بالظل ما يقع للجدران والأشجار بعد طلوع الشمس قال ابو عبيدة الظل ما نسخته الشمس والفيء ما نسخ الشمس فقبل الزوال يسمى ظلا وبعد الزوال فيا لانه فاء من جانب المشرق الى جانب المغرب ويمكن ان يقال ان الظل هو ظلمة الليل تنسخه الشمس بطلوعها (وَلَوْ شاءَ) ربك (لَجَعَلَهُ ساكِناً) اى ثابتا مسنقرا من سكن بمعنى قرّبان جعل اللّيل سرمدا الى يوم القيمة او عير متقلص من السكون
__________________
(١) قوله وما هما ثمه اى لم يكن ابو بكر رض وعمر رض حاضرين وانما قال ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثقة بهما لعلمه بصدق إيمانهما وقوة يقينهما وكمال معرفتهما بقدرة الله تعالى فقوله وما هما ثمه قول راوى الحديث ١٢ الفقير الدهلوي
(٢) وفى الأصل وهو دلالة إلخ ولم يستقم ١٢ الفقير الدهلوي.