والنعمة وطول العمر (فَكَذَّبُوا رُسُلِي) فحين كذبوا رسلى جاءهم نكيرى حيث دمّرناهم (فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) لهم اى كيف كان إنكاري عليهم بالعقوبة والإهلاك يعنى هو واقع موقعه استفهام توبيخ فليحذر هؤلاء من مثله ولا تكرير فى كذّب لان الاول للتكثير والثاني للتكذيب او الاول مطلق غير مقيد بالمفعول فانه نزل منزلة اللازم والثاني مقيد تفصيل بعد الإجمال ولذلك عطف عليه بالفاء وقال صاحب البحر المواج ضمير فكذبوا رسلى عائد الى كفار مكة عطف على ما بلغوا فلا تكرار ـ قرأ ورش نكيرى بإثبات الياء وصلا لا وقفا والجمهور بحذفها فى الحالين ـ. (قُلْ) يا محمد (إِنَّما أَعِظُكُمْ) اى أرشدكم وانصح لكم (بِواحِدَةٍ) اى بخصلة واحدة وهى ما دل عليه قوله (أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ) ليس المراد بالقيام ضد الجلوس والرقود بل المراد به الانتصاب فى الأمر والتصدي له كما فى قوله تعالى (أَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ) والمعنى ان تنتصبوا فى التفكر خالصا لوجه الله معرضا عن التعصب والتقليد (مَثْنى وَفُرادى) يعنى اثنين اثنين وواحدا واحدا فان الازدحام يشوش الخاطر حالان من فاعل تقوموا (ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا) فى امر محمد صلىاللهعليهوسلم وما جاء به عطف على تقوموا يعنى قوموا اما اثنين اثنين فيتفكران ويعرض كل واحد منهما فكره على صاحبه وينظران بنظر الانصاف او يتفكر فرد فرد فى نفسه بعدل ونصفة حتى يتضح له الحق ـ وان مع صلته أما فى محل الجر بدلا من واحدة او بيانا له وأما فى محل الرفع بإضمار هو واما فى محل النصب بإضمار اعنى (ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ) متعلق بتتفكّروا بتضمين يعلموا ارشاد الى مواد التفكر والمراد ان هذا امر بديهي وهو ان صاحبكم محمدا صلىاللهعليهوسلم ليس به جنون فانه ذو عقل سليم ولبّ عظيم وفهم مستقيم لا ينكره الا معاند او مجنون ـ وبديهي ان من له عقل سليم لا يتصدى الأمر عظيم عبث يعادى بسببه الخلائق مع كونه متوحدا صفر اليد من غير تحقيق ووثوق ببرهان من غير فائدة معتدة به من جلب نفع او دفع ضرر ـ وجلب نفع او دفع ضرر دنيوى غير موجود اما جلب النفع فمنفى حيث يقول. (ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ) وكذا دفع الضرر لان ضرر