بعد النفي يكون اثباتا فيكون المعنى لا يعزب مثقال ذرة ولا أصغر منه ولا اكبر ولكن يعزب فى كتاب مبين وهذا فاسد ـ قال البيضاوي اللهم إذا جعل الضمير فى يعزب للغيب وجعل المثبت فى اللوح خارجا عنه لظهوره على المطالعين له فيكون المعنى لا ينفصل عن الغيب إلا سطورا فى اللوح وهذا التوجيه ضعيف كما يشعر به كلام البيضاوي لان كونه فى اللوح لا يخرجه عن الغيب والكلام فى شمول علمه تعالى ولا مساس لهذا التوجيه بالمدعى على انه ورد فى سورة يونس بلفظ لا يعزب عن ربّك من مّثقال ذرّة فى الأرض ولا فى السّماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر الّا فى كتب مبين ولا يتاتى هذا التوجيه هناك وقيل هذا على طريقة المدح بما يشبه الذم كما فى قوله تعالى (وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ) كقولك فى زيد لا عيب فيه الّا انه عالم يعنى لا عيب فيه أصلا والمعنى لا يعزب عنه مثقال ذرة الا فى كتاب مبين حكمه فكيف يغب عنه. (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) علة لقوله لتأتينّكم وبيان لما يقتضى إتيانها (أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) لما قصروا فى أداء حقوق العبودية التي لا يمكن استيفاؤها (وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) (٤) حسن فى الجنة لا تعب فيه ولا منّ عليه لما أتوا بها من الحسنات وتفضلا ـ. (وَالَّذِينَ سَعَوْا) عطف على الّذين أمنوا مفعول ليجزى اى ليجزى الذين سعوا (فِي آياتِنا) بالابطال وتزهيد الناس فيها (مُعاجِزِينَ) قرأ ابن كثير وابو عمرو معجّزين من التفعيل اى مثبطين عن الايمان من اراده والباقون من المفاعلة اى مقدرين عجزنا او سابقين لنا فيفوتنا لظنهم بأن لا بعث ولا عقاب (أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ) قال قتادة الرجز سوء العذاب فمن بيانية (أَلِيمٌ) (٥) اى ذو الم يعنى مؤلم قرأ ابن كثير وحفص ويعقوب بالرفع هنا وفى الجاثية على انه نعت للعذاب والباقون بالجر على انه نعت للرجز. (وَيَرَى) بمعنى يعلم مرفوع عطفا على مضمون بلى لتأتينكم وقيل منصوب معطوف على يجزى اى ليجزى الّذين أمنوا وليعلم (الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) يعنى مؤمنى اهل الكتاب عبد الله بن سلام وأصحابه وقال قتادة