كَذِباً) منصوب على المصدرية بافترى إذا لافتراء نوع من الكذب وهو التعمد به (أَمْ بِهِ جِنَّةٌ) اى جنون يوهمه ذلك ويلقيه على لسانه وزعم بعضهم بجعل الجنون قسيما للافتراء ان بين الصدق والكذب واسطة وهى كل خبر لا يكون على بصيرة بالمخبر عنه وضعفه بيّن فان الافتراء ليس مساو للكذب بل هو أخص منه فان الكذب خبر لا يطابق الواقع سواء كان عمدا او خطا (بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) إضراب من جملة مقدرة اى لم يفتر وليس به جنة بل الّذين لا يؤمنون (بِالْآخِرَةِ) المشتملة على البعث والعذاب (فِي الْعَذابِ) فيها (وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ) (٨) من الحق فى الدنيا رد الله سبحانه عليهم ترديد هم واثبت لهم ما هو أقبح من القسمين وهو البعيد من الضلال بحيث لا يرجى الخلاص منه وما هو مراده اى العذاب وجعل العذاب مقارنا للضلال فى الحكم مقدما عليه فى اللفظ للمبالغة فى استحقاقهم له والبعد فى الأصل صفة اتصال وصف به الضلال مجازا كقوله شعر شاعر .. (أَفَلَمْ يَرَوْا) الاستفهام للانكار والتوبيخ والفاء للعطف على محذوف تقديره اعموا فلم يروا اى لم ينظروا (إِلى ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ) يعنى الى ما أحاط بجوانبهم (مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) يعنى ان المشاهدات كلها تدل على كمال قدرة الصانع المختار وكمال قدرته يقتضى جواز البعث فكيف يحكمون باستحالته وكونه مكذبا فيه مفترى والمخبر على كمال صفات الكمال من العقل والصدق المعروف بينهم فكيف يحكمون عليه بالجنون والهزاء فما هو الإضلال بعيد ـ فهذه الجملة تعليل لقوله (بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ) ثم بعد شرح ضلالهم يخوفهم الله تعالى على ما هم عليه بقوله (إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ) قرأ الكسائي بإدغام الفاء فى الباء والباقون بالإظهار (الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ) قرأ حمزة والكسائي يشأ يخسف يسقط بالياء فيهن على الغيبة لذكر الله فيما قبل والباقون بالنون على التكلم (عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ) لتكذيبهم بالآيات بعد ظهور البينات قرأ حفص كسفا بتحريك السين والباقون بإسكانها قيل قوله (أَفَلَمْ يَرَوْا إِلى ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ)