يشاء ، وما دلّ على حرمة التصرّفات المستلزمة للإضرار بالغير.
وبما أنّ قاعدة السلطنة ـ كما يبدو منها ـ سمتها سمة المقتضي ، وسمة هذه الأدلّة سمة المانع ، فإنّ المانع يقدّم عادة لمنعه المقتضي عن التأثير.
ولكنّ هذا لو تمّ فإنّما يتمّ في غير الحالات الاضطراريّة التي ألزم الشارع المكلّف برفع الأضرار عن نفسه فيها ، وحينئذ يقع التزاحم بين حكمين إلزاميّين ، فيقدّم أهمّهما في نظر الشارع ، كما مرّ الحديث في ذلك مفصّلا.
وهذه القواعد ـ كما قلنا ـ لم ترد ألسنتها الخاصّة عن الشارع المقدّس ، أو لم نعثر عليها على الأقلّ وإن أمكن الاستدلال عليها كما مرّ.
لكنّ قاعدة «لا يجوز التعسّف في استعمال الحقّ» ورد فحواها في حديث : «لا ضرر ولا ضرار». وبالنظر لأهمية هذه القاعدة نخصّها بشيء من الحديث :
قاعدة
لا يجوز التعسّف في استعمال الحقّ
يراد بهذه القاعدة المنع من استغلال الإنسان حقّه في التصرّف بماله لإيقاع الأذى في الغير ؛ تعنّتا وتعسّفا منه. (١)
وقد تبنّاها الفقه الحديث ، وأكّدت عليها بعض القوانين ، وبخاصّة بعد اختفاء المذهب الفرديّ الذي يعطي الحريّة المطلقة للفرد ، ويعتبر الدولة خادمة له. (٢)
__________________
١ ـ وقد مثّل له ب «طلاق الفرار» الذي استعمله فقهاء الحنفية في من طلّق زوجته طلاقا بائنا وهو في مرض الموت ، فرارا من وصول الميراث إليها ، وهذا يعدّ تعسّفا من الزوج في استعمال حقّ الطلاق. راجع المدخل الفقهي العام ١ : ١٣٨.
٢ ـ راجع المصدر السابق ١ : ١٣٨ و ٢ : ٨٨٧.