المجعول للشيء بعنوانه الأوّلي ، وليست الرخصة إلّا جعل الإباحة للشيء بعنوانه الثانوي ، وهما لا يخرجان عن تعريف الأحكام التكليفيّة بحال.
وبمقتضى ما تمّ من حدّي الرخصة والعزيمة ؛ يقع التساؤل عن قاعدة (لا حرج) : هل يقتضي النفي فيها العزيمة أو الرخصة؟
والتحقيق : أنّ مقتضى ما استفدناه من حديث (لا حرج) أنّه وارد مورد الامتنان على المكلّفين ، فالمستفاد منه رخصة لا عزيمة ؛ لأنّ المنّة لا تقضي أكثر من وضع الإلزام للأحكام التكليفيّة ، واللزوم للأحكام الوضعيّة ، ولا تكشف عن رفع أصل الملاك. (١)
ثانيا : الحرج في القاعدة شخصي أو نوعي؟
يقسم الحرج إلى قسمين :
(١) الحرج الشخصي : ويراد به الحرج المتعلّق بأشخاص المكلّفين.
(٢) الحرج النوعي : ويراد به الحرج المتعلّق بأغلبيّة المكلّفين.
وبينهما عموم وخصوص من وجه ، فهما يلتقيان مثلا في حرج ما يعمّ نوع الناس ، فإذا انطبق على زيد ـ مثلا ـ كان من ناحية حرجا شخصيا ؛ لانطباقه على الشخص ، ومن ناحية أخرى حرجا نوعيا لشموله لأغلبيّة الناس ، كالحرج الناشئ من استعمال الماء البارد في الغسل في شدّة البرد ، ويفترقان في انطباقه على من يتحرّج باستعمال الماء البارد في الحرّ ؛ فإنّه حرج شخصي لا نوعي ، وعلى من لا يتحرّج باستعمال الماء البارد في شدّة الشتاء وإن تحرّج نوع الناس.
والتحقيق ـ كما انتهينا إليه في قاعدة (لا ضرر ولا ضرار) ـ : أنّ الحرج الوارد في
__________________
١ ـ راجع : مستمسك العروة الوثقى ٤ : ٣٣١ ـ ٣٣٢.