ليست كذلك ، وإنّما هي عبارة عن حكاية واقع قائم في ذات الدم ونعني به الخبثية الموجودة فيه ، وحينئذ لا تكون الأدلّة الرافعة متناولة لمثله ، لما ذكر من أنّ يد الاعتبار لا تتناول الواقع بتغيير وتبديل.
سادسا : (لا حرج) والأمور العدميّة
يمكننا تصوير المسألة بصورتين :
الأولى : بما سبق أن بحثناه في قاعدة (لا ضرر) تحت عنوان (لا ضرر والمحرّمات) (١) ، فمثلا عدم شرب الخمر لو تسبّب عنه ضرر أو حرج ، هل يكون موردا للقاعدة؟ وهل يرتفع مثل هذا العدم لأنّه حرجي ، فيباح الخمر لأنّ رفع العدم إثبات لنقيضه؟
والحديث الذي تقدّم في (لا ضرر) ربّما يعاد نفسه هنا ، ونلتزم بما سبق أن التزمنا به من عدم الترخيص بالمحرّمات التي علم عدم رضا الشارع بوقوعها مطلقا.
نعم ، ربّما يقال هنا بأنّ بعض المحرّمات التي لم تبلغ درجة الخطورة فيها مبلغا يصيّرها مكروهة الوقوع ، لا مانع من ترخيص الشارع فيها ورفعها عند الحرج.
الثانية : بما سبق أن بحثناه في قاعدة (لا ضرر) تحت (عنوان لا ضرر والأمور العدميّة) (٢) ، ونعني بها الموارد التي سكت الشارع المقدّس عن بيان حكم لها ، وكمثال على ذلك لو امتنع الزوج عن النفقة على زوجته هل يسوغ الطلاق هنا ، بأن ينتقل حقّ إيقاعه عن الزوج ، أو لا؟ لأنّ بقاء الزوجية مع الامتناع عن النفقة يستلزم حرجا على
__________________
١ ـ تقدّم في ص ١٠٦ من هذا الكتاب.
٢ ـ تقدّم في ص ١٠٩ من هذا الكتاب.