هو نفسه يكون موضوعا لقاعدة (لا حرج) ؛ باعتبار أنّ هذا الرفع هو المسبّب للحرج ، فينبغي أن تعمل (لا حرج) فتنفيه وتزيله.
وكأنّا نريد أن نقول : إنّ الأحكام التي تتناولها (لا حرج) بالرفع هي أعمّ من الأحكام الأوّلية والثانويّة ، حيث تعتبر جميعها (دينا) أو من الدين ، و (لا حرج) تنفي الحرج عن الدين ، ولا تريد العسر.
أي أنّ (لا ضرر) تولّد موضوعا وتقف ، وذلك الموضوع نفسه ترفعه (لا حرج) ، فكأنّ (لا ضرر) غير عاملة في المقام ، وبعد أن تعمل (لا ضرر) وتسقط (لا حرج) نتيجتها ، لا تعود للحياة من جديد ؛ للزوم الدور الواضح.
فالقاعدتان في المثال طوليتان ، وليستا عرضيتين حتّى يتصوّر فيهما تعارض أو تزاحم.
تاسعا : الحرج على الغير
من الأضواء التي ألقيت على القاعدة ، وثار حولها التساؤل ، هو ما ذا لو تسبّب نتيجة تصرّف المكلف حرج للغير (١) ، هل تتناوله القاعدة فترفع الحكم المسبّب له؟
وكمثل على ذلك : شخص مباح له التصرّف في داره كيف شاء بحكم قاعدة السلطنة ، إذا نشأ من بعض تصرّفاته المباحة حرج على جاره ، فهل يرتفع ذلك الحكم ـ أعني الإباحة ـ فيمنع من تصرّفه أو لا؟
والجواب على التساؤل بالنفي ، وربّما يكون المدرك لسان القاعدة نفسه ، حيث أنّها نفت الحرج (عليكم) ، وهذا يعني انحلال الحكم إلى قضايا بوجود المكلّفين ـ شأن كلّ قضية حقيقية ـ فأيّ حكم حرجي بالنسبة لأيّ مكلّف يكون متناولا للقاعدة
__________________
١ ـ انظر : منية الطالب ٣ : ٤٣١.