بقاء ملاك التحريم ؛ فإنّ هذا الوجوب إنّما استفيد من دليل آخر ، لا من أدلّة الاضطرار ، فإنّ هذه الأدلّة ـ كما يقتضيه التعبير في بعضها «إلّا وأحلّه» (١) ـ لا تقتضي أكثر من الترخيص.
ومن هنا يتّضح أنّ القاعدة التي تتكفّل شئون ارتكاب الحرام هي هذه القاعدة وبعض القواعد التي تلابسها.
ثالثا : قاعدة الحاجة تنزّل منزلة الضرورة
عامّة كانت أم خاصّة
وقد تقدّمت هذه القاعدة (٢) في فصل القواعد التي بنيت على قاعدة (لا ضرر) ، وقلنا : إنّ الأحكام التي وردت من الشارع غير معلّلة بالحاجة لتسري العلّة من طريق القياس إلى غيرها ممّا يشبهها ، واحتمال كونها قاصرة على مواضعها ـ لو أمكن استنباطها ـ غير بعيد ، وإلّا فما معنى قصر الشارع الاستثناء على الاضطرار في رفع الأحكام التحريمية إذا كانت الحاجة ـ وهي دون الضرورة ـ كافية في رفع اليد عنها ، والترخيص في ارتكابها ، وكان بوسعه أن يذكر الحاجة اكتفاء بها ؛ لأنّ ذكرها ـ لو كان هو الأساس ـ يغني عن ذكر الضرورة ، كما هو واضح.
__________________
١ ـ التعبير في الروايات جاء بصيغة «إلّا وقد أحلّه». تهذيب الأحكام ٣ : ١٧٧ ، ٣٠٦ كتاب الصلاة ، باب (١٤) صلاة الغريق والمتوحل والمضطر ح ١٠ ، وباب (٣٠) صلاة المضطر ح ٢٣.
٢ ـ راجع : ص ١٢٤ من هذا الكتاب.