تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (٢٧) لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (٢٨) قُلْ إِن تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٩) يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (٣٠) قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (٣١) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (٣٢) إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ
________________________________________________________
فكأنه يقول : بيدك الخير فأجزل حظي منه (تُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ) قال عبد الله بن مسعود : هي النطفة تخرج من الرجل ميتة وهو حي ، ويخرج الرجل منها حيا وهي ميتة ، وقال عكرمة : هي إخراج الدجاجة من البيضة ، والبيضة من الدجاجة ، وقيل : يخرج الكافر من المؤمن والمؤمن من الكافر ، فالحياة والموت على هذا استعارة ، وفي ذكر الحي من الميت المطابقة ، وهي من أدوات البيان ، وفيه أيضا القلب لأنه قدم الحيّ على الميت ، ثم عكس (بِغَيْرِ حِسابٍ) بغير تضييق وقيل : بغير محاسبة (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ) الآية. عامة في جميع الأعصار ، وسببها ميل بعض الأنصار إلى بعض اليهود ، وقيل : كتاب حاطب إلى مشركي قريش (فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ) تبرؤ ممن فعل ذلك ، ووعيد على موالاة الكفار ، وفي الكلام حذف تقديره : ليس من التقرب إلى الله في شيء ، وموضع في شيء نصب على الحال من الضمير في ليس من الله ، قاله ابن عطية (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ) إباحة لموالاتهم إن خافوا منهم ، والمراد موالاة في الظاهر مع البغضاء في الباطن (تُقاةً) وزنه فعلة بضم الفاء وفتح العين. وفاؤه واو ، وأبدل منها تاء ، ولامه ياء أبدل منها ألف ، وهو منصوب على المصدرية ، ويجوز أن ينصب على الحال من الضمير في تتقوا (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ) تخويف (يَوْمَ تَجِدُ) منصوب على الظرفية ، والعامل فيه فعل مضمر تقديره : أذكروا أو خافوا وقيل : العامل فيه قدير ، وقيل : المصير ، وقيل : يحذركم (وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ) مبتدأ خبره تودّ ، أو معطوف (أَمَداً) أي مسافة (وَاللهُ رَؤُفٌ) ذكر بعد التحذير تأنيسا لئلا يفرط [في] الخوف ، أو لأن التحذير والتنبيه رأفة (فَاتَّبِعُونِي) جعل اتباع النبي صلىاللهعليهوسلم علامة على محبة العبد لله تعالى وشرط في محبة الله للعبد ومغفرته له ، وقيل إنّ الآية خطاب لنصارى نجران ومعناها على العموم في جميع الناس (إِنَّ اللهَ اصْطَفى) الآية : لما مضى صدر من محاجة نصارى نجران أخذ يبين لهم ما اختلفوا فيه ، وأشكل عليهم من أمر عيسى عليهالسلام ، وكيفية ولادته وبدأ بذكر آدم ونوح عليهماالسلام تكميلا للأمر لأنهما أبوان لجميع الأنبياء ، ثم ذكر إبراهيم تدريجا إلى ذكر عمران والد مريم أم عيسى عليهالسلام ، وقيل : إنّ عمران هنا هو والد موسى ، وبينهما ألف وثمانمائة سنة ، والأظهر أن المراد هنا والد مريم ، لذكر قصتها بعد ذلك (آلَ إِبْراهِيمَ