وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُوا وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (٦) لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا (٧) وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا (٨) وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٩)
________________________________________________________
قَوْلاً مَعْرُوفاً) أي ادعوا لهم بخير ، أو عدوهم وعدا جميلا : أي إن شئتم دفعنا لكم أموالكم (وَابْتَلُوا الْيَتامى) أي اختبروا رشدهم (بَلَغُوا النِّكاحَ) بلغوا مبلغ الرجال (فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً) الرشد : هو المعرفة بمصالحه وتدبير ماله ، وإن لم يكن من أهل الدين ، واشترط قوم الدين ، واعتبر مالك البلوغ والرشد ، وحينئذ يدفع المال ، واعتبر أبو حنيفة البلوغ وحده ما لم يظهر سفه ، وقوله مخالف للقرآن (وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا) ومعناه : مبادرة لكبرهم أي أن الوصي يستغنم أكل مال اليتيم قبل أن يكبر ، وموضع أن يكبروا نصب على المفعولية ببدارا أو على المفعول من أجله تقديره : مخافة أن يكبروا (فَلْيَسْتَعْفِفْ) أمر الوصي الغني أن يستعفف عن مال اليتيم ولا يأكل منه شيئا (وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) قال عمر بن الخطاب : المعنى أن يستسلف الوصي الفقير من مال اليتيم ، فإذا أيسر ردّه ، وقيل : المراد أن يكون له أجرة بقدر عمله وخدمته ، ومعنى : بالمعروف من غير إسراف ، وقيل : نسختها ؛ (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً) (١) (فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ) أمر بالتحرز والحرز فهو ندب ، وقيل : فرض (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ) الآية : سببها أن بعض العرب كانوا لا يورثون النساء ، فنزلت الآية ليرث الرجال النساء (نَصِيباً مَفْرُوضاً) منصوب انتصاب المصدر المؤكد لقوله : (٢) فريضة من الله ، وقال الزمخشري : منصوب على التخصيص ، أعني : بمعنى نصيبا (وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ) الآية : خطاب للوارثين ؛ أمروا أن يتصدقوا من الميراث على قرابتهم ، وعلى اليتامى وعلى المساكين ، فقيل : إن ذلك على الوجوب ، وقيل : على الندب وهو الصحيح ، وقيل : نسخ بآية المواريث (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ) الآية ؛ معناها : الأمر لأولياء اليتامى أن يحسنوا إليهم في حفظ أموالهم ، فيخافوا الله على أيتامهم كخوفهم على ذريتهم لو تركوهم ضعافا ، ويقدروا ذلك في أنفسهم حتى لا يفعلوا خلاف الشفقة والرحمة ، وقيل : الذي يجلسون إلى المريض فيأمروه أن يتصدّق بماله حتى يجحف بورثته ، فأمروا أن يخشوا على الورثة كما يخشوا على أولادهم ، وحذف مفعول وليخش ، وخافوا جواب لو (قَوْلاً سَدِيداً) على القول الأول ملاطفة الوصي لليتيم بالكلام
__________________
(١). في الآيتين ١٠ ، ١١ التاليتين.
(٢). في الآيتين ١٠ ، ١١ التاليتين.