فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (١١) وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ
________________________________________________________
الثلثان ولا وارث إلّا الأبوان ، فاقتضى ذلك أن الأب يأخذ بقية المال وهو الثلثان (فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ) أجمع العلماء على أن ثلاثة من الأخوة يردّون الأم إلى السدس ، واختلفوا في الاثنين فذهب الجمهور أنهما يردّانها إلى السدس ، ومذهب ابن عباس أنهما لا يردّانها إليه ، بل هما كالأخ الواحد. وحجته أن لفظ الإخوة لا يقع على الاثنين لأنه جمع لا تثنية ، وأقل الجمع ثلاثة. وقال غيره : إن لفظ الجمع قد يقع على الاثنين. كقوله : وكنا لحكمهم شاهدين ، وتسوروا المحراب ، وأطراف النهار ، واحتجوا بقوله صلىاللهعليهوسلم : «الاثنان فما فوقهما جماعة» (١) ، وقال مالك : مضت السنة أن الإخوة اثنان فصاعدا ، ومذهبه أن أقل الجمع اثنان ، فعلى هذا : يحجب الأبوان من الثلث إلى السدس ، سواء كانا شقيقين أو لأب أو لأم أو مختلفين ، وسواء كانا ذكرين أو أنثيين أو ذكر أو أنثى ، فإن كان معهما أب ورث بقية المال ، ولم يكن للإخوة شيء عند الجمهور ، فهم يحجبون الأم ، ولا يرثون ، وقال قوم : يأخذون السدس الذي حجبوه عن الأم ، وإن لم يكن أب ورّثوا (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ) قوله : من بعد يتعلق بالاستقرار المضمر في قوله : فلهنّ ثلثا ما ترك ، أي : استقر لهنّ الثلثان من بعد وصية ، ويمتنع أن يتعلق بترك ، وفاعل يوصي الميت ، وإنما قدمت الوصية على الدين ، والدّين مقدم عليها في الشريعة : اهتماما بها ، وتأكيدا للأمر بها ، ولئلا يتهاون بها وأخّر الدين ؛ لأن صاحبه يتقاضاه ، فلا يحتاج إلى تأكيد في الأمر بإخراجه وتخرج الوصية من الثلث ، والدّين من رأس المال بعد الكفن ؛ وإنما ذكر الوصية والدين نكرتين : ليدل على أنهما قد يكونان ، وقد لا يكونان فدل ذلك على وجوب الوصية (أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً) قيل : بالإنفاق إذا احتيج إليه ، وقيل : بالشفاعة في الآخرة ، ويحتمل أن يريد نفعا بالميراث من ماله ، وهو أليق بسياق الكلام (وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ) الآية ؛ خطاب للرجال. وأجمع العلماء على ما تضمنته هذه الآية من ميراث الزوج والزوجة ، وأن ميراث الزوجة تنفرد به إن كانت واحدة ، ويقسم بينهن إن كن أكثر من واحدة ، ولا ينقص عن ميراث الزوج والزوجة وسائر السهام ، إلّا ما نقصه العول على مذهب جمهور العلماء ، خلافا لابن عباس ، فإنه لا يقول بالعول فإن قيل : لم كرر قوله : من بعد وصية ، مع ميراث الزوج وميراث الزوجة ، ولم يذكره قبل ذلك إلّا مرة واحدة في ميراث الأولاد والأبوين ، فالجواب : أن الموروث في ميراث الزوج هو الزوجة ، والموروث في ميراث الزوجة هو
__________________
(١). روى ابن ماجة عن أبي موسى قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : اثنان فما فوقهما جماعة. ولكن قيل في رواية : صفيفان.