حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الْآثِمِينَ (١٠٦) فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ
________________________________________________________
إذا بمنزلة حين لا تحتاج جوابا ، ويجوز أن تكون شرطية ، وجوابها محذوف يدل عليه ما تقدم قبلها فإنّ المعنى : إذا حضر أحدكم الموت ، فينبغي أن يشهد حين الوصية ، ظرف العامل فيه حضر ، ويكون بدلا من إذا (ذَوا عَدْلٍ) صفة للشاهدين منكم (أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) قيل : معنى منكم من عشيرتكم وأقاربكم ، ومن غيركم ، من غير العشيرة والقرابة وقال الجمهور : منكم أي من المسلمين ، ومن غيركم من الكفار ، إذا لم يوجد مسلم ، ثم اختلف على هذا هل هي منسوخة بقوله : وأشهدوا ذوي عدل منكم فلا تجوز شهادة الكفار أصلا؟ وهو قول مالك والشافعي والجمهور أو هي محكمة ، وأن شهادة الكفار جائزة على الوجه في السفر ، وهو قول ابن عباس (إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ) أي سافرتم ، وجواب إن محذوف يدل عليه ما تقدّم قبلها ، والمعنى : إن ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت ، فشهادة بينكم شهادة اثنين (تَحْبِسُونَهُما) قال أبو علي الفارسي : هو صفة لآخران ، واعترض بين الصفة والموصوف بقوله : إن أنتم إلى قوله الموت ليفيد أن العدول إلى آخرين من غير الملة ، إنما يجوز لضرورة الضرب في الأرض ، وحلول الموت في السفر ، وقال الزمخشري : تحبسونهما استئناف كلام من بعد الصلاة قال الجمهور : هي صلاة العصر ، فاللام للعهد ، لأنها وقت اجتماع الناس ، وبعدها أمر النبي صلىاللهعليهوسلم بالأيمان ، وقال : من حلف على سلعة بعد صلاة العصر ، وكان التحليف بعدها معروف عندهم ، وقال ابن عباس : هي صلاة الكافرين في دينهما ؛ لأنهما لا يعظمان صلاة العصر (فَيُقْسِمانِ بِاللهِ) أي يحلفان ؛ ومذهب الجمهور أن تحليف الشاهدين منسوخ ، وقد استحلفهما عليّ بن أبي طالب وأبو موسى الأشعري (إِنِ ارْتَبْتُمْ) أي شككتم في صدقهما أو أمانتهما ، وهذه الكلمة اعتراض بين القسم والمقسوم عليه ، وجواب إن محذوف يدل عليه يقسمان (لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً) هذا هو المقسوم عليه ، والضمير في به للقسم ، وفي كان للمقسم له : أي لا نستبدل بصحة القسم بالله عرضا من الدنيا : أي لا نحلف بالله كاذبين لأجل المال ، ولو كان من نقسم له قريبا لنا ، وهذا لأن عادة الناس الميل إلى أقاربهم (وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ) أي الشهادة التي أمر الله بحفظها وأدائها ، وإضافتها إلى الله تعظيما لها (فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً) أي إن طلع بعد ذلك على أنهما فعلا ما أوجب إثما ، والإثم الكذب والخيانة واستحقاقه الأهلية للوصف به (فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما) أي اثنان من أولياء الميت ، يقومان مقام الشاهدين في اليمين (مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ) أي من الذين استحق عليهم الإثم أو المال ومعناه من الذي جنى عليهم وهم أولياء الميت (الْأَوْلَيانِ) تثنية أولى بمعنى أحق : أي الأحقان بالشهادة لمعرفتهما ، والأحقان بالمال : لقرابتهما ، وهو مرفوع على أنه خبر