وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِن يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (٢٦) وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢٧) بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُوا يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (٢٨) وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (٢٩) وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ (٣٠) قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلَا سَاءَ مَا
________________________________________________________
السهيلي : حيث ما ورد في القرآن أساطير الأولين ، فإن قائلها هو النضر بن الحارث ، وكان قد دخل بلد فارس وتعلم أخبار ملوكهم ، فكان يقول حديثي أحسن من حديث محمد (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ) هم عائد على الكفار ، والضمير في عنه عائد على القرآن ، والمعنى وهم ينهون الناس عن الإيمان ، وينأون هم عنه أي يبعدون ، والنأي هو البعد ، وقيل الضمير في عنه يعود على النبي صلىاللهعليهوسلم ، ومعنى ينهون عنه ينهون الناس عن أذاه ، وهم مع ذلك يبعدون عنه ، والمراد بالآية على هذا أبو طالب ومن كان معه : يحمي النبي صلىاللهعليهوسلم ، ولا يسلم وفي قوله : ينهون وينأون ضرب من ضروب التجنيس (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ) جواب لو محذوف هنا ، وفي قوله : (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ) ، وإنما حذف ليكون أبلغ ما يقدره السامع : أي لو ترى لرأيت أمرا شنيعا هائلا ، ومعنى وقفوا حبسوا ، قاله ابن عطية ، ويحتمل أن يريد بذلك إذا ادخلوا النار ، وإذا عاينوها وأشرفوا عليها ، ووضع إذ موضع إذا لتحقيق وقوع الفعل حتى كأنه ماض (يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ) قرئ (١) برفع نكذب ونكون على الاستئناف والقطع على التمني ، ومثّله سيبويه بقولك : دعني ولا أعود أي وأنا لا أعود ، ويحتمل أن يكون حالا تقديره نرد غير مكذبين ، أو عطف على نرد ، وقرئ بالنصب بإضمار أن بعد الواو في جواب التمني (بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ) المعنى ظهر لهم يوم القيامة في صحائفهم ما كانوا يخفون في الدنيا من عيوبهم وقبائحهم ، وقيل : هي في أهل الكتاب أي بدا لهم ما كانوا يخفون من أمر محمد صلىاللهعليهوسلم ، وقيل : هي في المنافقين أي بدا لهم ما كانوا يخفون من الكفر ، وهذان القولان بعيدان ، فإن الكلام أوله ليس في حق المنافقين ولا أهل الكتاب ، وقيل : إن الكفار كانوا إذا وعظهم النبي صلىاللهعليهوسلم خافوا وأخفوا ذلك الخوف لئلا يشعر بها أتباعهم ، فظهر لهم ذلك يوم القيامة (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا) إخبار بأمر لا يكون لو كان كيف كان يكون وذلك مما انفرد الله بعلمه (وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) يعني في قولهم : ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين ، ولا يصح أن يرجع إلى قولهم : يا ليتنا نردّ ، لأن التمني لا يحتمل الصدق ولا الكذب (وَقالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا) حكاية عن قولهم في إنكار البعث الأخروي (قالَ أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِ) تقرير لهم وتوبيخ (قالُوا يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها) الضمير فيها للحياة الدنيا لأن المعنى
__________________
(١). قرأها هكذا ما عدا ابن عامر ، وحمزة وحفص. وقرأها الباقون بالرفع في نرد ، ولا نكذب ، ونكون.