يَزِرُونَ (٣١) وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (٣٢) قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (٣٣) وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ (٣٤) وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُم
________________________________________________________
يقتضي ذلك وإن لم يجر لها ذكر ، وقيل : الساعة أي فرطنا في شأنها ، والاستعداد لها ، والأول أظهر (وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ) كناية عن تحمل الذنوب ، وقال : على ظهورهم ، لأن العادة حمل الأثقال على الظهور ، وقيل : إنهم يحملونها على ظهورهم حقيقة ، وروي في ذلك أن الكافر يركبه عمله بعد أن يتمثل له في أقبح صورة ، وأن المؤمن يركب عمله بعد أن يتصوّر له في أحسن صورة (أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ) إخبار عن سوء ما يفعلون من الأوزار (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ) قرأ نافع يحزن حيث وقع بضم الياء من أحزن ، إلا قوله : (لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ) ، وقرأ الباقون بفتح الياء من حزن الثلاثي وهو أشهر في اللغة والذي يقولون : قولهم إنه ساحر ، شاعر ، كاهن (فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ) من قرأ بالتشديد فالمعنى : لا يكذبونك معتقدين لكذبك ، وإنما هم يجحدون بالحق مع علمهم به ، ومن قرأ بالتخفيف (١) ، فقيل : معناه لا يجدونك كاذبا ، يقال : أكذبت فلانا إذا وجدته كاذبا ، كما يقال : أحمدته إذا وجدته محمودا ، وقيل : هو بمعنى التشديد ، يقال : كذب فلان فلانا وأكذبه بمعنى واحد ، وهو الأظهر لقوله بعد هذا يجحدون ، ويؤيد هذا ما روي أنها نزلت في أبي جهل فإنه قال لرسول الله صلّى الله تعالى عليه وعلى اله وسلّم : إنا لا نكفر بك ولكن نكذب ما جئت به ، وأنه قال للأخنس بن شريق : والله إن محمدا لصادق ، ولكني أحسده على الشرف (وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ) أي : ولكنهم ووضع الظاهر موضع المضمر للدلالة على أنهم ظلموا في جحودهم (وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ) الآية : تسلية للنبي صلىاللهعليهوسلم ، وحضّ له على الصبر ، ووعد له بالنصر (وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللهِ) أي لمواعيده لرسله ؛ كقوله : ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين (إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ) [الصافات :١٧٢] ، وفي هذا تقوية للوعد (وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ) أي من أخبارهم ويعني بذلك صبرهم ثم نصرهم ، وهذا أيضا تقوية للوعد والحض على الصبر ، وفاعل جاءك محذوف تقديره نبأ أو خلاف ، وقيل هو المجرور (وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ) الآية : مقصودها حمل النبي صلىاللهعليهوسلم على الصبر ، والتسليم لما أراد الله بعباده من إيمان أو كفر ، فإنه صلّى الله تعالى عليه واله وسلّم كان شديد الحرص على إيمانهم ، فقيل له : إن استطعت أن تدخل في الأرض أو تصعد إلى السماء فتأتيهم بآية يؤمنون بسببها ، فافعل وأنت لا تقدر
__________________
(١). أي : لا يكذبونك وهي قراءة نافع والكسائي.