يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٩٥) فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٩٦) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٩٧) وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (٩٨) وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٩٩)
________________________________________________________
الحبوب (يُخْرِجُ الْحَيَ) تقدّم في آل عمران (وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِ) معطوف على فالق (فالِقُ الْإِصْباحِ) أي الصبح فهو مصدر سمي به الصبح ، ومعنى فلقه : أخرجه من الظلمات ، وقيل : إن الظلمة هي التي تنفلق عن الصبح ، فالتقدير فالق ظلمة الإصباح (سَكَناً) أي يسكن فيه عن الحركات ويستراح (حُسْباناً) أي يعلم بهما حساب الأزمان والليل والنهار (ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) ما أحسن ذكر هذين الاسمين هنا لأن العزيز يغلب كل شيء ويقهره ، وهو قد قهر الشمس والقمر وسخرهما كيف شاء ، والعليم لما في تقدير الشمس والقمر والليل والنهار من العلوم والحكمة العظيمة وإتقان الصنعة (فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) أي في ظلمات الليل في البر والبحر ، وأضاف الظلمة إليها لملابستها لهما ، أو شبه الطرق المشتبهة بالظلمات (فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ) من كسر القاف من مستقر فهو اسم فاعل ، ومستودع اسم مفعول ، والتقدير : فمنكم مستقرّ ومستودع ، ومن فتحها ؛ فهو اسم مكان أو مصدر ، ومستودع مثله ، والتقدير على هذا لكم مستقرّ ومستودع ، والاستقرار في الرحم والاستيداع في الصلب ، وقيل : الاستقرار فوق الأرض والاستيداع تحتها (فَأَخْرَجْنا بِهِ) الضمير عائد على الماء (فَأَخْرَجْنا مِنْهُ) الضمير عائد على النبات (خَضِراً) أي أخضر غضا ، وهو يتولد من أصل النبات من الفراخ (نُخْرِجُ مِنْهُ) الضمير عائد على الخضر (حَبًّا مُتَراكِباً) يعني السنبل لأن حبه بعضه على بعض ، وكذلك الرمان وشبهه (قِنْوانٌ) جمع قنو ، وهو العنقود من التمر ، وهو مرفوع بالابتداء وخبره من النخل ، ومن طلعها بدل ، والطلع أول ما يخرج من التمر في أكمامه (دانِيَةٌ) أي قريبة سهلة التناول ، وقيل : قريبة بعضها من بعض (وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ) بالنصب عطف على نبات كل شيء وقرئ (١) في غير السبع بالرفع عطف على قنوان (مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ) نصب على الحال من الزيتون والرمان ، أو من كل ما تقدم من النبات ، والمشتبه والمتشابه بمعنى واحد أي : من النبات ما يشبه بعضه بعضا في اللون والطعم والصورة ، ومنه ما لا يشبه بعضه بعضا ، وفي ذلك دليل قاطع على الصانع المختار القدير العليم المريد (انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا
__________________
(١). في الحجة لأبي زرعة أن قراءة الرفع هي للأعمش عن أبي بكر ص ٢٦٤.