لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (١٢١) أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٢٢) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (١٢٣) وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَن نُّؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِندَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ (١٢٤) فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (١٢٥) وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (١٢٦) لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ
________________________________________________________
الظاهر الأعمال ، والباطن الاعتقاد (وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ) الضمير لمصدر ولا تأكلوا (وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ) سببها أن قوما من الكفار قالوا : إنا نأكل ما قتلناه ، ولا نأكل ما قتل الله يعنون الميتة (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ) الموت هنا عبارة عن الكفر ، والإحياء عبارة عن الإيمان ، والنور : نور الإيمان ، والظلمات الكفر ؛ فهي استعارات وفي قوله : (مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ) مطابقة وهي من أدوات البيان ، ونزلت الآية في عمار بن ياسر ، وقيل في عمر بن الخطاب والذي في الظلمات أبو جهل ، ولفظها أعم من ذلك (كَمَنْ مَثَلُهُ) مثل هنا بمعنى صفة ، وقيل زائدة ، والمعنى كمن هو (وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ) أي كما جعلنا في مكة أكابرها ليمكروا فيها جعلنا في كل قرية ، وإنما ذكر الأكابر ، لأن غيرهم تبع لهم ؛ والمقصود تسلية النبي صلىاللهعليهوسلم (مُجْرِمِيها) إعرابه مضاف إليه عند الفارسي وغيره ؛ وقال ابن عطية وغيره : إنه مفعول أول بجعلنا وأكابر مفعول ثان مقدم ؛ وهذا جيد في المعنى ضعيف في العربية ، لأن أكابر جمع أكبر وهو من أفعل فلا يستعمل إلا بمن أو بالإضافة (وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ) الآية : قائل هذه المقالة أبو جهل ، وقيل الوليد بن المغيرة ، لأنه قال : أنا أولى بالنبوة من محمد (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) رد عليهم فيما طلبوه ، والمعنى أن الله علم أن محمدا صلّى الله عليه وعلى اله وسلّم أهل للرسالة ، فخصه بها ، وعلم أنهم ليسوا بأهل لها فحرمهم إياها ، وفي الآية من أدوات البيان الترديد لكونه ختم كلامهم باسم الله ثم رده في أول كلامه (صَغارٌ) أي ذلة (يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ) شرح الصدر وضيقه وحرجه : ألفاظ مستعارة ومن قرأ حرجا (١) بفتح الراء فهو مصدر وصف به (كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ) أي كأنما يحاول الصعود إلى السماء ، وذلك غير ممكن ، فكذلك يصعب عليه الإيمان وأصل يصعد المشدد يتصعد ، وقرئ بالتخفيف (٢) (دارُ السَّلامِ) الجنة ، والسلام هنا يحتمل أن يكون اسم الله ، فأضافها إليه :
__________________
(١). قرأ نافع وأبو بكر : حرجا بكسر الراء.
(٢). قرأ ابن كثير بالتخفيف : يصعد. وقرأ أبو بكر : يصّاعد.