بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ (٧٥) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنتُم بِهِ كَافِرُونَ (٧٦) فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٧٧) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (٧٨) فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِن لَّا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ (٧٩) وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ (٨٠) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ (٨١) وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (٨٢) فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (٨٣) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (٨٤) وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (٨٥) وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ
________________________________________________________
بدل من الذين استضعفوا (إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) إنما لم يقولوا إنا بما أرسل به كما قال الآخرون ؛ لئلا يكون اعترافا برسالته (فَعَقَرُوا النَّاقَةَ) نسب العقر إلى جميعهم ؛ لأنهم رضوا به ، وإن لم يفعله إلا واحد منهم وهو الأحيمر (الرَّجْفَةُ) الصيحة حيث وقعت ، وذلك أن الله أمر جبريل فصاح صيحة بين السماء والأرض فماتوا منها (جاثِمِينَ) حيث وقع أي قاعدين لا يتحركون (فَتَوَلَّى عَنْهُمْ) الآية : يحتمل أن يكون توليه عنهم وقوله لهم حين عقروا الناقة قبل نزول العذاب بهم ، لأنه روي أنه خرج حينئذ من بين أظهرهم ، أو أن يكون ذلك بعد أن هلكوا ، وهو ظاهر الآية ، وعلى هذا خاطبهم بعد موتهم على وجه التفجع عليهم ، وقوله : لا تحبون الناصحين : حكاية حال ماضية (إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ) العامل في إذ أرسلنا المضمر ، أو يكون بدلا من لوط (ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ) أي لم يفعلها أحد من العالمين قبلكم ، ومن الأولى زائدة ، والثانية للتبعيض أو للجنس (وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ) الآية : أي أنهم عدلوا عن جوابه على كلامه إلى الأمر بإخراجه وإخراج أهله (أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ) أي يتنزهون عن الفاحشة (مِنَ الْغابِرِينَ) أي من الهالكين ، وقيل : من الذين غبروا في ديارهم فهلكوا ، أو من الباقين من أترابها يقال غبر بمعنى مضى ، وبمعنى بقي ، وإنما قال : من الغابرين بجمع المذكر تغليبا للرجال الغابرين (وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً) يعني الحجارة أصيب بها من كان منهم خارجا عن بلادهم ، وقلبت البلاد بمن كان فيها (بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ) أي آية ظاهرة ، ولم تعين في القرآن آية شعيب (فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ) كانوا ينقصون في الكيل والوزن ، فبعث شعيب ينهاهم عن ذلك ، والكيل هنا بمعنى المكيال الذي يكال به مناسبة للميزان ، كما جاء في هود المكيال والميزان ، ويجوز أن يكون الكيل والميزان مصدرين (وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ تُوعِدُونَ) قيل هو نهي عن السلب وقطع الطريق ، وكان ذلك من فعلهم وكانوا يقعدون على الطريق يردّون الناس عن اتباع شعيب