بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٥٧) قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ
________________________________________________________
لئن كان حقا ما تقول ؛ لقد مات اليوم. فلما سمع عمرو ذلك جمع أصحابه وكتب ذلك اليوم الذي قال له اليهوديّ أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم مات فيه. ثم خرج فأخبر بموت النبي صلىاللهعليهوسلم وهو في الطريق ووجده قد مات في ذلك اليوم صلّى الله تعالى عليه وسلّم وبارك وشرف وكرم.
ومن ذلك أن وفد غسان قدموا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فلقيهم أبو بكر الصديق فقال لهم من أنتم؟ قالوا رهط من غسان قدمنا على محمد لنسمع كلامه ، فقال لهم انزلوا حيث تنزل الوفود ، ثم ائتوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فكلموه ، فقالوا وهل نقدر على كلامه كما أردنا فتبسم أبو بكر ، وقال : إنه ليطوف بالأسواق ، ويمشي وحده ، ولا شرطة معه ، ويرغب من يراه منه (١) فقالوا لأبي بكر من أنت أيها الرجل فقال أنا أبو بكر بن أبي قحافة ، فقالوا أنت تقوم بهذا الأمر بعده فقال أبو بكر الأمر إلى الله ، فقال لهم كيف تخدعون عن الإسلام وقد أخبركم أهل الكتاب بصفته ، وأنه آخر الأنبياء ثم لقوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأسلموا (يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ) يحتمل أن يكون هذا من وصف النبي صلىاللهعليهوسلم في التوراة ، فتكون الجملة في موضع الحال من ضمير المفعول في يجدونه ، أو تفسير لما كتب من ذكره أو يكون استئناف وصف من الله تعالى غير مذكور في التوراة والإنجيل (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ) مذهب مالك أن الطيبات هي الحلال ، وأن الخبائث هي الحرام ، ومذهب الشافعي أن الطيبات هي المستلذات ، وأن الخبائث هي المستقذرات : كالخنافس والعقارب وغيرها (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ) وهو مثل لما كلفوا في شرعهم من المشقات ، كقتل الأنفس في التوبة ؛ وقطع موضع النجاسة من الثوب ، وكذلك الأغلال عبارة عما منعت منه شريعتهم كتحريم الشحوم ، وتحريم العمل يوم السبت وشبه ذلك (وَعَزَّرُوهُ) أي منعوه بالنصر حتى لا يقوى عليه عدو (وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ) هو القرآن أو الشرع كله ، ومعنى معه مع بعثه ورسالته (إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً) تفسيره قوله صلىاللهعليهوسلم : «وكان كل نبيّ يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة (٢)» فإعراب جميعا حال من الضمير في إليكم (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) نعت لله أو منصوب على المدح بإضمار فعل أو مرفوع على أنه خبر ابتداء مضمر (يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِماتِهِ) هي الكتب التي أنزلها الله عليه
__________________
(١). كذا في الأصل المطبوع ولعل في الكلام تصحيفا.
(٢). رواه أحمد عن أبي ذر وأوله : أوتيت خمسا ج ٥ ص ١٩١ ورواه صاحب عيون الأثر ج ١ ص ٨١ بسنده عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.