لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٥٨) وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (١٥٩) وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (١٦٠) وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (١٦١) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِّنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ (١٦٢) وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (١٦٣) وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا
________________________________________________________
وعلى غيره من الأنبياء (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ) هم الذين ثبتوا حين تزلزل غيرهم في عصر موسى أو الذين آمنوا بمحمد صلىاللهعليهوسلم في عصره (وَقَطَّعْناهُمُ) أي فرقناهم (أَسْباطاً) السبط في بني إسرائيل كالقبيلة في العرب ، وانتصابه على البدل من اثنتي عشرة لا على التمييز ، فإن تمييز اثنتي عشرة لا يكون إلا مفردا ، وقال الزمخشري على التمييز ، لأن كل قبيلة أسباطا لا سبط (فَانْبَجَسَتْ) أي انفجرت إلا أن الانبجاس أخف من الانفجار وقال القزويني الانبجاس : أول الانفجار (وَظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ الْغَمامَ) وما بعده إلى قوله بما كانوا يظلمون مذكور في [البقرة : ٥٧].
تنبيه : وقع الاختلاف في اللفظ بين هذا الموضع من هذه السورة وبين سورة البقرة في قوله انفجرت وانبجست وقوله : وإذ قلنا ادخلوا ، وإذ قيل لهم اسكنوا وقوله : وكلوا بالواو وفكلوا بالفاء ، فقال الزمخشري : لا بأس باختلاف العبارتين إذا لم يكن هنالك تناقض ، وعللها شيخنا الأستاذ أبو جعفر بن الزبير في كتاب ملاك التأويل وصاحب الدرة بتعليلات منها قوية وضعيفة وفيها طول فتركناها لطولها (وَسْئَلْهُمْ) أي اسأل اليهود على جهة التقرير والتوبيخ (عَنِ الْقَرْيَةِ) قيل : هي إيلياء ، وقيل : هي طبرية ، وقيل : مدين (حاضِرَةَ الْبَحْرِ) قريبة منه أو على شاطئه (إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ) أي يتجاوزون حدّ الله فيه ، وهو اصطيادهم يوم السبت «وقد نهوا عنه وموضع إذ بدل من القرية والمراد أهلها ، وهو بدل اشتمال أو منصوب بكانت أو بحاضرة (إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً) كانت الحيتان تخرج من البحر يوم السبت حتى تصل إلى بيوتهم ابتلاء لهم ؛ إذ كان صيدها عليهم حراما في يوم السبت ، وتغيب عنهم في سائر الأيام ، وسبتهم مصدر من قولك : سبت اليهودي يسبت إذا عظّم يوم السبت ، ومعنى شرّعا : ظاهرة قريبة منهم يقال : شرع منا فلان إذا دنا وإذ في قوله إذ تأتيهم منصوب بيعدون ، أو بدل من إذ يعدون (وَإِذْ قالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً) للآية : افترقت بنو إسرائيل ثلاث فرق : فرقة عصت يوم السبت بالصيد ، وفرقة نهت عن ذلك