أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (١٨٥) مَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١٨٦) يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (١٨٧) قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (١٨٨) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ
________________________________________________________
جميعها دليل على وحدانية خالقها (وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ) أن الأول مخففة من الثقيلة ، وهي عطف على الملكوت ، وأن الثانية مصدرية في موضع رفع بعسى ، وأجلهم يعني : موتهم ، والمعنى لعلهم يموتون عن قريب ، ينبغي لهم أن يسارعوا إلى النظر فيما يخلصهم عند الله قبل حلول الأجل (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ) الضمير للقرآن (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ) السائلون اليهود أو قريش ، وسميت القيامة ساعة لسرعة حسابها كقوله : وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب (أَيَّانَ مُرْساها) معنى أيّان : متى ، ومرساها : وقوعها وحدوثها ، وهي من الإرساء بمعنى الثبوت (قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي) أي استأثر الله بعلم وقوعها ولم يطلع عليه أحد (لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ) معنى يجليها يظهرها ، فهو من الجلاء ضدّ الخفاء ، واللام في لوقتها ظرفية : أي عند وقتها ، والمعنى لا يظهر الساعة عند مجيء وقتها إلا الله (ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) في معناه ثلاثة أقوال : الأوّل ثقلت على أهل السموات والأرض لهيبتها عندهم وخوفهم منها ، والثاني ثقلت على أهل السموات والأرض أنفسها لتفطر السماء فيها وتبديل الأرض ، والثالث معنى ثقلت : أي ثقل علمها أي خفي (يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها) الحفيّ بالشيء هو المهتم به المعتني به ، والمعنى : يسألونك عنها كأنك حفيّ بعلمها وقيل : المعنى يسألونك عنها كأنك حفيّ بهم لقرابتك منهم ، فعنها على هذين القولين يتعلق بيسألونك ، وقيل المعنى يسألونك كأنك حفي بالسؤال عنها (وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ) براءة من علم الغيب ، واستدلال على عدم علمه (وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ) عطف على لاستكثرت من الخير أي لو علمت الغيب لاستكثرت من الخير ، واحترست من السوء ولكن لا أعلمه فيصيبني ما قدر لي من الخير والشر ، وقيل : إن قوله وما مسني السوء : استئناف إخبار ، والسوء على هذا هو الجنون واتصاله بما قبله أحسن (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) يجوز أن يتعلق ببشير ونذير معا أي أبشر المؤمنين وأنذرهم ، وخص بهم البشارة والنذارة ، لأنهم هم الذين ينتفعون بها ، ويجوز أن يتعلق بالبشارة وحدها ، ويكون المتعلق بنذير محذوف أي نذير للكافرين ، والأوّل أحسن (مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) يعني آدم (زَوْجَها) يعني حوّاء (لِيَسْكُنَ إِلَيْها) يميل إليها ويستأنس بها (تَغَشَّاها) كناية عن الجماع (حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً) أي خف عليها ولم تلق منه ما يلقى بعض الحوامل من حملهنّ من الأذى والكرب ، وقيل : الحمل الخفيف المني في فرجها (فَمَرَّتْ بِهِ) قيل : معناه استمرّت به إلى حين ميلاده ، وقيل معناه قامت وقعدت (فَلَمَّا